DSpace
 

Dspace de universite Djillali Liabes de SBA >
Mémoire de Magister >
Droit >

Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://hdl.handle.net/123456789/477

Titre: اختيار المتعامل المتعاقد في الصفقات العمومية -دراسة مقارنة -
Auteur(s): DJILALI Naoual , BOUDALI Mohamed
Date de publication: 2-jui-2014
Résumé: إن الدولة و باقي أشخاص القانون العام كالفرد، لا يمكنها الاستغناء عن الدخول في علاقات عقدية، بهدف خدمة الجمهور و النهوض بأعباء السلطة العامة، لهذا تدخل المشرع معترفا للإدارة (أي الدولة و باقي أشخاص القانون العام) بأهلية التعاقد بغرض تمكينها من تحقيق الأهداف المنوطة بها. إلا أن الإدارة في مجال إبرامها للعقود، قد تتخذ أحد الشكلين التاليين، فقد تظهر بمظهر الشخص العادي و تبرم بوصفها كذلك عقودا تخضع للقانون الخاص، حيث يتخذ الطرفان (الإدارة و المتعاقد معها) الشروط المتبادلة بناءا على أحكام القانون المدني، فتتنازل الإدارة عن امتيازاتها كشخص عام إذ تنزل إلى مستوى الشخص الخاص، و يرجع الاختصاص بحل المنازعات المتعلقة بهذه العقود للقضاء العادي. كما قد تظهر الإدارة بمظهر سيادي، أي بوصفها سلطة عامة، حيث تتخذ تدابير و امتيازات السلطة العامة، و تخضع حينئذ للقانون العام، و هنا تحدد الإدارة بمفردها مجموعة بنود العقد الذي يوصف بأنه عقد إداري، كما أن الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بهذه العقود يعود إلى القضاء الإداري. و نظرا لأهمية و تميز بعض العقود الإدارية، أخضعها المشرع لتشريع مستقل هو تشريع الصفقات العمومية. و هذه الأخيرة، من حيث التأصيل القانوني عبارة عن عقد، فبالرجوع لنص المادة الرابعة من المرسوم الرئاسي 10- 236 عرفت الص.ع على أنها: " عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم..."، و تكرر هذا الحكم في المادة السادسة التي تقضي: "كل عقد أو طلب..."، كما استخدم المشرع العديد من المصطلحات القانونية التي توحي باعتبار الصفقة العمومية عملا قانونيا ذي طابع تعاقدي، من بينها: المصلحة المتعاقدة، المتعامل المتعاقد، إبرام الصفقة...إلخ، إلا أن قانون الصفقات العمومية، و رغم إقراره صراحة أن هذه الأخيرة تعد بمثابة عقد فقد قرنها بمجموعة من الشكليات الجوهرية، حيث تتخذ طبيعة و شكل محدد يجعله مختلف في العديد من جوانبه عن العقود الخاصة التي تقتضي توافق إرادتين لإحداث آثار قانونية. حيث أن الصفقات العمومية تخضع لطرق خاصة لاختيار المتعامل المتعاقد و إجراءات معقدة، كما أنها تخضع لأطر رقابية خاصة، و ذلك لما تحوزه من أهمية بالغة في تسيير الأموال العمومية و انتعاش الاقتصاد الوطني، من خلال ضبط المشاريع الداعمة لعملية التنمية الوطنية، لذلك يتدخل المشرع من حين لآخر بتنظيم إجراءات و مراحل الصفقة العمومية، و هذا ما يشكل خروجا على قاعدة حرية التعاقد. و لعل أهم مرحلة من مراحل الص.ع هي مرحلة اختيار المتعامل المتعاقد، لأن حسن تنفيذ الصفقة ككل يتوقف على مدى سلامة إجراءات اختيار المتعامل المتعاقد، و مدى خضوعها لأحكام تنظيم الصفقات العمومية، و الدليل على هذا هو كثرة الصفقات المشبوهة خاصة في السنوات القليلة الأخيرة و تأثيرها على الاقتصاد الوطني، و هو من الأسباب التي دعت المشرع إلى إعادة النظر و تعديل قانون الص.ع عدة مرات. من هنا تظهر أهمية الموضوع، حيث أن مصير الصفقة يتحدد تبعا لهذه المرحلة، فإذا تمت عملية اختيار المتعامل المتعاقد طبقا لما هو منصوص عليه قانونا في تنظيم الص.ع، تكون المصلحة المتعاقدة قد ضمنت نسبة كبيرة في إنجاز الصفقة، و على عكس ذلك، إذا خالفت التشريع المعمول به، فشلت و انحاز ت عن الهدف المرجو منها و هو تحقيق المصلحة العامة، وكذا إشباع حاجات الأفراد. لذلك سنحاول من خلال هذا البحث المتواضع الإجابة على الإشكالية التالية : كيف نظم المشرع عملية اختيار المتعامل المتعاقد في مجال الصفقات العمومية؟ و ما مدى فعالية الوسائل القانونية التي أقرها المشرع ضمانا لعدم تحيز الإدارة من خلال هذه العملية؟ و لإنجاز هذه الدراسة، اعتمدنا على مجموعة من المناهج، أهمها المنهج التحليلي و المقارن و ذلك بتحليل و مناقشة مضامين النصوص الحالية و مقارنتها بنصوص تنظيم الصفقات العمومية الفرنسي. كما اعتمدنا المنهج التاريخي عن طريق ذكر أهم التطورات التي خضعت لها عملية اختيار المتعامل المتعاقد في مختلف تنظيمات الصفقات العمومية. و للإجابة على الإشكالية الرئيسية للموضوع حاولنا تقسيم هذه الدراسة تقسيما ثنائيا من خلال فصلين على النحو التالي: الفصل الأول: الإطار القانوني لعملية اختيار المتعامل المتعاقد. الفصل الثاني: عملية اختيار المتعامل المتعاقد و أوجه الطعن فيها. فقبل التعرض لعملية اختيار المتعاقد لابد من تحديد الإطار القانوني الذي يخضع له هذا النوع من العقود، سواء من حيث تحديد الأطراف المتعاقدة، و المتمثلة في المصلحة المتعاقد ة المحددة بمقتضى المادة الثانية من ق.ص.ع.ج، و التي من خلال التعديل الأخير رقم 13-03 أخرجت المؤسسات الاقتصادية من مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية، إلا أنها في نفس الوقت أبقت على المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي. و قد حدد التنظيم المتعلق بالص.ع الحالات التي تلزم فيها المصلحة المتعاقدة بتطبيق قانون الصفقات العمومية، حيث أن خضوع المصلحة المتعاقدة له يتوقف على توافر معيارين: معيار موضوعي- معيار مالي. كما يتعين على المصلحة المتعاقدة، بصدد التحضير لصفقة عمومية، القيام بمجموعة من الإجراءات تحضيرا لعملية التعاقد، و تتمثل في: تحديد الحاجات، وجود اعتماد مالي، إعداد دفتر الشروط و التأشير عليه من طرف اللجنة المختصة. و الطرف الثاني في عقد ص.ع هو المتعامل المتعاقد و المتمثل في كل شخص طبيعي أو معنوي يلتزم في إطار ص.ع، إما كفرد أو في إطار تجمع مؤسسات. كما يمكن أن يكون المتعامل مؤسسة خاضعة للقانون الجزائري أو مؤسسة أجنبية. و قد ذكر المرسوم الرئاسي رقم 10 -236 المعدل و المتمم لأول مرة حالات الإقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية بموجب نص المادة الثانية و الخمسين منه، و صدر قرار وزاري يحدد كيفيات و حالات الإقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية، ليكون المشرع بذلك قد كفل تحقيق الانسجام اللازم لمادة الصفقات العمومية مع جل التشريعات الأخرى كالتشريعات الجمركية، الجبائية ، قانون مكافحة الفساد، القانون الجزائي، تشريع الضمان الاجتماعي و العمل، القانون التجاري و قانون الاستثمار...إلخ. و فعّل من سيرورة المرافق العامة الأخرى، بضمان أداء كل من يهمه أمر المشاركة في الصفقات العمومية لالتزاماته المفروضة عليه، سيما الإدارية و المالية منها. كما أن التوجه الجديد للدولة في ظل الظروف الاقتصادية الجديدة، أوجب عليها أن تفرض على المستثمر الأجنبي التزاما بالاستثمار في إطار شراكة مع المتعامل الوطني، و هذا استجابة لطلبات المتعاملين الوطنيين بشأن استفادة الأجانب من معظم الصفقات العمومية، ففي القانون الحالي، كل طلب للترشح مقدم من متعهد أجنبي لصفقة عمومية، يقترن بالتزام بالاستثمار. و تجدر الإشارة بخصوص أطراف الصفقة العمومية، أن المشرع الجزائري على عكس نظيره الفرنسي، قد أخرج العقود المبرمة بين إدارتين عموميتين من مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية، و هذا من شأنه المساس بالمال العام الذي يسعى تنظيم الصفقات العمومية إلى الحفاظ عليه. كما يشمل الإطار القانوني للعملية تحديد طرق اختيار المتعامل المتعاقد و التي حصرها المشرع الجزائري في المناقصة كما أسماها المشرع الجزائري، إلا أنها في حقيقة الأمر إجراء طلب العروض لقيامها على أساس تعدد المعايير. و رغم تعديل قانون الصفقات العمومية عدة مرات إلا أنه لا زال يصر على إطلاق هذه التسمية على إجراء طلب العروض، و يعتبر هذا الأخير القاعدة العامة في اختيار المتعاقد مع الإدارة، و التراضي كاستثناء، في حين أن المشرع الفرنسي قد استحدث طرقا جديدة لاختيار المتعامل المتعاقد، فبالرجوع إلى قانون الصفقات العمومية الفرنسي لسنة 2006 ، نجده قد حدد طرق اختيار المتعامل المتعاقد في طلب العروض المفتوح أو المحدود، إجراء التفاوض، الحوار التنافسي، المسابقة و نظام الاقتناء الديناميكي. كما حدد المشرع المبادئ المؤطرة للعملية التعاقدية و ذلك بموجب المادة الثالثة من ق.ص.ع.ج، و تتمثل في حرية الوصول للطلب العمومي، المساواة و شفافية الإجراءات، و ذلك في كل الص.ع التي يبرمها المتعامل العمومي مهما بلغت قيمتها و اختلف شكل إبرامها، إلا أن نسبة تكريس تلك المبادئ تتباين من شكل لآخر. و حدد المشرع إجراءات اختيار المتعاقد ابتداء من الإعلان عن الصفقة و الذي يعد دعوة للتعاقد، و الجديد الذي حمله المرسوم الرئاسي رقم 10-236 المعدل و المتمم في هذا المجال، هو إمكانية النشر الإلكتروني، و ذلك طبقا لنص المادة 174 منه. و إيداع العروض الذي يعتبر إيجابا من المتعهد المشارك، مرورا بعملية فتح الأظرفة و تقييم العروض، و التي تتم بواسطة لجان أحدثها التنظيم لهذا الغرض، في إطار الرقابة الداخلية على إجراءات المناقصة، و على العموم، تنتهي هذه العملية، إما بانتقاء العرض الأقل ثمنا إذا تعلق الأمر بالخدمات العادية، و إما أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية، إذا كان الاختيار قائما أساسا على الجانب التقني للخدمات، و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي أوكل مهمة فتح الأظرفة و كذا تقييم العروض إلى لجنة واحدة هي لجنة طلب العروض LA COMMISSION D’APPEL D’OFFRES،غير أنه يمكن للجنة تقييم العروض أن تقترح على المصلحة المتعاقدة، رفض العرض المقبول، إذا أثبتت أنه تترتب على منح الصفقة هيمنة المتعامل المقبول على السوق، أو يتسبب في اختلال المنافسة في القطاع المعني. و يجب أن يتضمن دفتر الشروط حق رفض عرض من هذا النوع، و في حالة ما إذا كان العرض المالي للمتعامل الاقتصادي المختار مؤقتا، يبدو منخفضا بشكل غير عادي، فإنه يمكن للمصلحة المتعاقدة رفضه شرط أن تعلل ذلك، بعد أن تطلب كتابيا، التوضيحات التي تراها ملائمة مع التحقق من التبريرات المقدمة. و هذا ما ذهب إليه المشرع الفرنسي. وصولا إلى مرحلة اختيار المتعامل المتعاقد، و يؤسس هذا الاختيار على مجموعة من المعايير تقوم المصلحة المتعاقدة صاحبة الصفقة بانتقائها، حيث تضعها وفقا لما انتهت إليه عملية تحديد الحاجات تماشيا و طبيعة كل صفقة، لذلك لم يقيد المشرع الإدارة بمعايير معينة، إلا أنه ألزمها، من خلال نص المادة السادسة و خمسين من المرسوم الرئاسي 10-236 المعدل و المتمم، بذكر معايير الاختيار و وزن كل منها في دفتر الشروط الخاص بالمناقصة أو التراضي بعد الاستشارة، حتى يتمكن المترشحون من معرفة المعايير التي سوف تقيم على أساسها عروضهم. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون المعايير موضوعية، حيث يمنع توجيهها بهدف تفضيل مرشح أو إبعاده، كما يجب أن تكون المعايير عملية، فتعد بطريقة نافعة و ذات صلة بموضوع الصفقة للوصول إلى نتائج اقتصادية و مالية جيدة، و بالتالي تحقيق المصلحة العامة التي هي مناط كل إدارة عمومية. و تكريسا لمبدأ الشفافية فإنه لا يجوز المساس بتلك المعايير، و ذلك بتعديلها بعد تاريخ إيداع العروض من طرف المترشحين. و على اعتبار أن المعايير التي سبق تحديدها ليس لها نفس الأهمية (القيمة) في عملية اختيار المتعامل المتعاقد، فإنه على المشتري العمومي اعتماد إما طريقة الموازنة بين المعايير PONDERATION DES CRITERES DE Choix، و في حالة استحالة إعمال هذه الطريقة، يتم اللجوء إلى طريقة الترتيب التسلسلي للمعايير HIERARCHISATION DES CRITERES DE CHOIX. و رغم أهمية دور لجنة تقييم العروض إلا أن قراراتها لا تمثل القبول الذي تنعقد به الص.ع، فالمصلحة المتعاقدة هي صاحبة الشأن في البث في نتائج المناقصة عن طريق منح الصفقة أو إلغاء إجراءات المناقصة، بناءا على ملاحظات لجنة فتح الأظرفة و آراء لجنة تقييم العروض، دون أن تكون مضطرة للأخذ بهذه الآراء، و إن كانت ملزمة بتبرير اختياراتها في هذا الشأن. و هذه الإجراءات لا تنته دائما بمنح الصفقة و اعتمادها، و إنما يمكن للمصلحة إلغاء المناقصة بدافع المصلحة العامة. و في حالة ما إذا تنازل متعامل اقتصادي على صفقة منحت له قبل تبليغه الصفقة أو رفض استلام الإشعار بالتبليغ في الآجال المذكورة في المرسوم، و ذلك أثناء مرحلة صلاحية العروض، فإنه يمكن للمصلحة المتعاقدة مواصلة تقييم العروض الباقية مع مراعاة مبدأ حرية المنافسة و متطلبات السعر و الجودة و الآجال. و يمكن للمصلحة المتعاقدة منع هذا المتعامل الاقتصادي من التعهد في صفقاتها لمدة لا تتجاوز سنة واحدة، كما يمكنها حجز كفالة التعهد إذا اقتضى الأمر ذلك . و عموما فإن التزامات الإدارة العقدية لا تترتب إلا ابتداء من تاريخ القرار الصادر بإبرام العقد، أما بالنسبة للعارض الذي تم اختياره، فإنه إذا كان يلتزم في مواجهة الإدارة بعرضه، فإن الرابطة العقدية بينه و بين الإدارة لا تنشأ إلا بعلمه بقبول الإدارة عرضه، و يعد الإشعار بالصفقة (الإخطار) نقطة بداية الالتزامات التعاقدية . و من أجل تفعيل الرقابة الإدارية على الصفقات العمومية، كان لزاما فرض رقابة أخرى من خارج المصلحة، من أشخاص لا علاقة لهم بالمصالح المتعاقدة، حيث أقر المشرع حق الطعن في عملية اختيار المتعاقد مع الإدارة، و ذلك كضمانة أخرى، حماية للمال العام من جهة، و درءا للتجاوزات التي يمكن أن ترتكب بمناسبة منح صفقة عمومية ، حيث يمكن الطعن في عملية اختيار المتعاقد أمام لجان الصفقات العمومية، إذ نظم ق.ص.ع الإطار الإجرائي الذي من خلاله يمكن للمتعهد الطعن في قرار المنح المؤقت للصفقة، حيث تختص هذه اللجان بنظر الطعون المرفوعة أمامها وفقا لمعايير عضوية، مالية و جغرافية، و تتميز هذه اللجان بتركيبة بشرية متميزة من حيث رئاستها و وجود أعضاء معينة و أخرى منتخبة، إضافة إلى تبعيتهم إلى وزارات مختلفة كالمالية و التجارة...، و هذا سيمكنها من تقديم رأيها في الطعن المرفوع أمامها. كما يمكن الطعن فيها أمام القضاء، سواء كان قضاء إداري عن طريق دعوى الإلغاء أو دعوى الإستعجالي قبل التعاقدي، أو القضاء الجزائي متى توافرت أركان إحدى الجرائم المتعلقة بمنح صفقة عمومية و التي حصرها المشرع الجزائري في الامتيازات غير المبررة في مجال الص.ع و الرشوة في الص.ع، سواء كان الجاني موظفا يتاجر بوظيفته أو متعهد يسعى للحصول على ص.ع حتى و إن كان السبيل إلى ذلك غير مشروع. و من خلال التعرض لدراسة موضوع اختيار المتعامل المتعاقد تم الكشف عن بعض التناقضات و النقائص، فعندما أخرج المشرع المؤسسات العمومية الاقتصادية من مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية، كان عليه حذف عبارة المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري، و ذلك لعدم وجود فرق بين الأولى و الثانية. أما فيما يخص طرق اختيار المتعامل المتعاقد، فهناك سوء تصنيف من قبل المشرع، لذلك نقترح في هذا المجال أن يتم إعادة التصنيف لما كان عليه الحال في ظل قانون67 – 90، أي اعتماد الثلاثية الشائعة و هي: المناقصة – طلب العروض – التراضي في حالات محددة. أما فيما يخص إجراء المزايدة، نجد أن المشرع من خلال نص المادة الثالثة و ثلاثين من ق.ص.ع، قد وقع في تناقض فكيف يعقل أن نكون أمام مزايدة و تمنح الصفقة للذي يقدم أقل الأثمان. كما أنه لا يمكن إدراج المزايدة ضمن صور المناقصة، لأن الأولى تقوم على أساس السعر الأعلى و الثانية تقوم على أساس السعر الأدنى، و بالتالي لا يمكن إدراج المزايدة ضمن أشكال المناقصة. كما نشير إلى ضرورة ضبط المصطلحات، مثلما هو الحال بالنسبة لحالة الاستعجال باعتبارها حالة من حالات التراضي. أما فيما يخص الإجراءات المتبعة في اختيار المتعامل المتعاقد فنرى ضرورة توسيع قاعدة الإشهار، بأن يتم مثلا الإعلان عن الصفقات المعتزم إبرامها قبل ثلاثة أشهر حتى يتسنى للراغبين في التعاقد تحضير العروض المناسبة بالموازاة مع المؤهلات و القدرات التي تمكنهم من المشاركة، و تدعيما للرقابة الشعبية على إجراءات اختيار المتعاقد مع الإدارة، كما أغفل المشرع قاعدة الإشهار بالنسبة للصفقات المبرمة بناء على أسلوب التراضي مما يجعلها محلا للشبهة، لذلك يفضل الإعلان عن المنح بالنسبة لهذه الأخيرة، مع إثبات المعايير المعتمدة فيها. بالإضافة إلى أن التاريخ المحدد لفتح الأظرفة من شأنه حرمان المرشحين من يوم كامل، فكان من الأجدر جعل فتح الأظرفة في اليوم الموالي. و فيما يخص الطعن في عملية اختيار المتعامل المتعاقد فقد استحدث المشرع طريقة جديدة للطعن في عملية الاختيار، و ذلك عن طريق دعوى الاستعجالي قبل التعاقدي، و قد أحسن المشرع من استحداث هذه الطريقة حفاظا على حقوق المتعهدين، و المصلحة العامة بصفة عامة. لكن رغم إعطاء القاضي الإداري سلطة فرض الغرامة التهديدية، إلا أنها تبقى بلا فعالية، لأنها توقع على شخص عام، و لعل الحل يكمن في فرضها على ممثله (أي الموظف). أما بالنسبة للطعن أمام القضاء الجزائي، نلاحظ أن المشرع العقابي حصر الأفعال المجرمة، و التي قد ترتكب أثناء عملية اختيار المتعامل المتعاقد، في جريمتين اثنتين، هما الامتيازات غير المبررة، و الرشوة في الصفقات العمومية، فهل هذه فقط الجرائم التي يمكن ارتكابها أثناء مرحلة اختيار المتعامل المتعاقد ؟ و للحد من الممارسات و الأفعال المجرمة لابد من تفعيل الإرشاد الديني كإجراء وقائي و أخلاقي يمنع الموظف (ممثل المشتري العمومي)، و كذا المتعهد من سلوك طريق الجريمة و الفساد في الصفقات، و غرس الوازع الديني و الأخلاقي في رجال المستقبل عبر المؤسسات التربوية. بالإضافة إلى وضع مدونة أخلاقيات تحدد التزامات المشتري العمومي و المتعامل المتعاقد، و كذا العقوبات المفروضة في حالة إخلالهما بالتزاماتهما. و ضرورة اعتماد معايير موضوعية في اختيار الموظف الكفء، و التأكد من قدرته على تحمل أعباء الوظيفة دون تحيز أو محاباة، و تكوين المورد البشري المختص في مجال قانون الصفقات العمومية. و كذا حماية المبادئ العامة التي تحكم الصفقات عن طريق تخصيص مواد لها في الدستور. و على الرغم من الانتقادات السابق ذكرها، يبقى تحديد طرق اختيار المتعاقد مع الإدارة من أهم الضمانات التي من شأنها ضمان حسن التنفيذ، من خلال اختيارها لأحسن العروض، أو أقلها سعرا حسب الحالة، فبالانتقاء السليم و البعيد كل البعد عن محيط الشبهات يمكننا القول بأن جزءا هاما من المشروع قد نفذ، خاصة أن هذه المرحلة من إبرام الصفقة هي أولى خطوات الرقابة المفروضة على الصفقات العمومية، و المصاحبة لها في بقية مسيرتها، إذ تحتاج هي الأخرى إلى أيد باحثة تكشف عن خباياها في ظل تعدد الأجهزة و الهيئات المختصة الساعية إلى حماية المال العام و تحقيق المصلحة العامة.
URI/URL: http://hdl.handle.net/123456789/477
Collection(s) :Droit

Fichier(s) constituant ce document :

Fichier Description TailleFormat
resume.pdf63,11 kBAdobe PDFVoir/Ouvrir
View Statistics

Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.

 

Ce site utilise la plate-forme Dspace version 3.2-Copyright ©2014.