DSpace
 

Dspace de universite Djillali Liabes de SBA >
Mémoire de Magister >
Droit >

Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://hdl.handle.net/123456789/655

Titre: الأمن القانوني في مجال المعاملات العقارية
Auteur(s): FECIH, Djamila
BERADAN, Rachid
Date de publication: 2-jui-2014
Résumé: يعتبر العقار مصدر من المصادر المجددة للثروة ومقوما فعالا للاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية،فهو من الأمور الحساسة والتي لها وزن ثقل اقتصادي واجتماعي. حيث عمدت مختلف تشريعات العالم على ايجاد نظم عقارية متباينة تخضع للتحيين من أجل استقرار الملاك والحائزين للأملاك والحقوق العينية العقاري،وذلك بتنظيم عمليات التملك والاستغلال والتداول لهذه الأموال بما يضمن حقوق المتعاملين والدولة على حد سواء بما يؤدي إلى إرساء الثقة والطمأنينة واستقرار المراكز القانونية ودرء للمنازعات،وبمفهوم آخر توفير الأمن والاستقرار القانوني. إن الأمن القانوني هو من الغايات الأساسية التي ينشدها كل نظام قانوني ،بحيث يعتبر عنصرا من عناصر النظام في المجتمع وفاتحة كل حضارة،فهو نتاج الحاجة إلى إحلال النظام محل الفوضى ولمّ الشمل بدل التّشتت،فقد عملت معظم النظم القانونية على أن تهدم بلا تردد كل ما يعرض الاستقرار القانوني للخطر. ويعتبر القانون الأداة الأساسية لتنظيم العلاقات بين الأفراد في المجتمع فلا بد لهذا التنظيم أن يكون محقّقا للاستقرار والانضباط في المراكز القانونية،فبقدر ما تكون هذه المراكز القانونية واضحة ومحددة ومعترف بها وتحظى بالاحترام من جانب السلطة العامة والمجتمع،بقدر ما يمكن أن تتم الأعمال في سهولة ويسر،وبقدر ما يشوب هذه الأمور من غموض أو خلط أو عدم يقين بقدر ما ترتبك الأعمال بل وقد تتوقف تماماً. إن القاعدة القانونية تعمل على تحقيق الأمن المادي والمتمثل في حماية الأشخاص والأموال من الاعتداء وتحقيق الأمن القانوني والمتمثل في المحافظة على استقرار المراكز القانونية وقيام الثقة في العلاقات القانونية والقدرة على توقع الأمور مسبقا ورسم وتخطيط العلاقات المستقبلية. يعد الأمن القانوني ضمانة لحماية حقوق الأفراد ومصالحهم،فهو من الضروريات التي يستلزمها النشاط الاقتصادي والاجتماعي،لذا تلتزم السلطات بتحقيق قدر من الثبات النسبي والاستقرار للعلاقات القانونية بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة لأطرافها. حيث أنه لا يوجد مفهوم متّفق عليه لفكرة الأمن القانوني من طرف الفقه ،إلا أنه يعني أن تكون القواعد القانونية مؤكّدة ومحددة في تنظيمها للمراكز القانونية وأن تضمن تأمين النتائج بحيث يستطيع كل فرد أن يتوقع هذه النتائج ويعتمد عليها،فمن سيبرم عقدا سيعرف مقدما الالتزامات التي عليه وحدودها ونطاقها وكذلك ما للمتعاقد الآخر. فحسب هذا المفهوم لا يترك للقاضي مجال لتنظيم العلاقات بين الأفراد،بحيث يتم وضع قاعدة قانونية تنظم بها حالة نموذجية تندرج تحتها كل الحالات التي تتفق في الطبيعة والنوع مع تلكم الحالة النموذجية. وهناك من عرفه بأنه هو مجرد الطاعة لأوامر الدولة ونظمها،فلابد للأفراد في سبيل الحصول على حقوقهم اللجوء إلى القضاء والكف عن اللجوء إلى القوة والعنف. وهكذا تعددت معاني هذه الفكرة ولكن يتفق الجميع بأن الأمن والاستقرار يتحقق من خلال عدة أمور جوهرية وهي متعلقة بتكوين القاعدة القانونية ومن أهمها: -اعتبار التشريع المصدر الأول للقانون ،بحيث يؤدي ذلك إلى تعبير الدولة عن إرادتها بطريقة واضحة،محددة وتلافي الكثير من الغموض والاضطرابات في تطبيقه،بحيث أن التشريع يتضمن قاعدة قانونية مكتوبة يضفى عليها صفة اليقين. فلا بد أن تتم صياغة هذه القاعدة بطريقة واضحة وليست معقدة وغامضة تثير الاضطراب في المعاملات،وبذلك لابد أن تكون الصياغة جامدة وليست مرنة فمن شأن ذلك تحقيق العدل المجرد والذي بدوره يحقق الثّبات والاستقرار والأمن داخل المجتمع. . -تطبيق قاعدة لا يعذر أحد بجهل القانون وقاعدة عدم رجعية القوانين،لأن تطبيق هذا الأخير بأثر رجعي -القانون الجديد على الماضي-من شأنه أن يؤدي إلى الإخلال بالاستقرار القانوني وانعدام ثقة النّاس. -وجوب التّأني في التعديلات وحتى في وضع التشريعات ووجوب الالتزام بتطبيق القانون من جانب السلطات ،فذلك يولد احترام القانون والثّقة والأمن داخل الجماعة. -مجابهة عقبة الثغرات القانونية باعتبارها حالة من حالات عدم الاستقرار القانوني. -احترام الحقوق المكتسبة ومبدأ المساواة والاستقرار في المعاملات التعاقدية ومبدأ الثقة المشروعة،والطابع التّوقعي للقانون. حيث عملت معظم النظم القانونية على إيجاد آليات من أجل تجسيد فكرة والأمن والسكينة وذلك في مختلف المعاملات والتصرفات القانونية،وبما أن موضوع دراستنا ينحصر في مجال العقار والمعاملات العقارية،فالأمن القانوني في مجال المعاملات العقارية هو من أهمّ انشغالات مختلف تشريعات الدول ومن بينها المشرع الجزائري والذي سعى جاهدا على إيجاد آليات قانونية لتحقيق استقرار العقار وثباته ولكن ليس باستقرار مادي وإنما باستقرار قانوني. ومن أهم هذه الآليات لتحقيق ذلك: أولا-نظام التّقادم والوضع الظاهر:إن استقرار المعاملات العقارية يقوم إلى حد كبير على فكرة التّقادم والذي يؤدي إلى اكتساب ملكية العقار أو حق عيني عقاري آخر عليه بحيازته مدة معينة من الزمن،ويقوم التّقادم على اعتبارات مبناها تحقيق الاستقرار القانوني،إذ أن منطق استقرار المعاملات يقتضي التسليم بالحق لمن حازه مدة معينة وتعامل النّاس معه على هذا الأساس باعتباره هو الظاهر للنّاس بأنه هو المالك،فمن شأن ذلك تثبيت الأوضاع المستقرة وإشاعة الطمأنينة في نفوس المتعاملين على أساس ما يظهر أمامهم وهو الحيازةـ،فإن عدم تقرير الحماية للمالك المهمل في ترك ماله والدفاع عنه يتفق مع تغليب استقرار المعاملات على مصلحة ذلك المالك المهمل.. ولكن يمكن القول أن التسليم بالتّقادم وبالأوضاع الظاهرة يكون في ظل نظام الشهر الشخصي وليس في ظل نظام الشهر العيني. فإنه أمام تبني نظام الشهر العيني بموجب الأمر 75-74. المتضمن إعداد المسح العام للأراضي وتأسيس السجل العقاري وبموجب المرسومين التنفيذيين له رقم 76-62. المعدل والمتمم المتضمن تأسيس مسح الأراضي العام وكذا المرسوم رقم 76-63 .المعدل والمتمم المتضمن تأسيس السجل العقاري،وبوضع الإطار القانوني لعمليتي المسح العقاري والشهر العقاري حاول المشرع أن يعطي كل سبل النجاعة لتحديد العقارات المشمولة بالمسح ونقلها من نظام العقارات غير المسجلة إلى نظام العقارات المسجلة،وبذلك فقد أوجد المشرع آليات قانونية لتوفير الأمن القانوني في مجال العقار. ثانيا-الشكلية:فهي من الوسائل التي يلجأ إليها لتحقيق الأمن القانوني والثّبات في المراكز القانونية ،وتعرف بأنها مجموعة من المظاهر الخارجية التي يفرض على الأفراد إتباعها في تصرفاتهم لإمكان ترتيب آثار قانونية معينة وبذلك يضاف إلى العنصر الداخلي عنصر خارجي يؤكد وجوده ويضمن مفعوله في نطاق القانون . وبهذا فالشكلية هنا بمفهومها الواسع وتعني الشكل كركن لانعقاد هذه التصرفات إضافة إلى الشهر للاحتجاج به على الغير. وبالتالي فالتصرف العقاري حتى يتم لابد أن يتم في شكل رسمي أمام موظف عام أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة مع مراعاة الأوضاع القانونية،فهنا فرضها المشرع لاعتبارات الاستقرار والتنبيه بخطورة هذه التصرفات وتدعيم الثقة في العلاقات القانونية مما يحقق الأمان الحقيقي،وكذا بغية ضمان التوازن العقدي من الشروط التعسفية خاصة أن معظم هذه التصرفات تتم أمام موثق باعتباره شاهد ثقة من الغير ويمثل الشرعية. فقد كرس المشرع قاعدة الرّسمية لما لها من مزايا وأشكالها العقد التوثيقي بدلا من العقد العرفي والذي يتم تحريره بدون إتباع شكلية خاصة أو إجراءات أو ضوابط قانونية،فهو أقل ضمانة من العقد الرسمي بخصوص حماية المتعاملين وتصرفاتهم. إن العقد العرفي كان محل اعتراف في فترة معينة من قبل القضاء رغم الحظر القانوني له،حيث أنه رغم وضوح القاعدة القانونية التي تنص على إبرام المعاملات العقارية في الشكل الرسمي وفي حالة إتباع شكل آخر يرتب عليها القانون البطلان المطلق وإعادة الطرفين إلى الحالة الأولى التي كانا عليها قبل التعاقد ،ولكن نشير إلى أن ذلك كان لأسباب تاريخية وحتى لأسباب قانونية واجتماعية. فبالإضافة إلى الشكل الرسمي،فلقد نص المشرع على ضرورة مراعاة قاعدة أخرى وذلك لنفاذ التصرف وترتيب أثره العيني وهي الشهر العقاري،فقد عرفت الجزائر نظامين للشهر أوله نظام الشهر الشخصي وذلك غداة الاستقلال والعمل بمبدأ التراضي في نقل الحقوق العينية العقارية ،حيث أنه في هذه الفترة عرفت الجزائر وضعية عقارية صعبة ناتجة عن السياسة الاستعمارية التي مست البنية التحتية لنظام الملكية العقارية ككل بما فيه وانعدام وغموض في سندات الملكية بسبب تغيب واضح للتوثيق رغم المحاولات المحتشمة للإصلاح العقاري الممتدة في 1956-1959 حيث استمر الأمر إلى غاية تبني المشرع للأمر 75-74 المتضمن إعداد المسح العام للأراضي،لأن الدولة لم تهتم آنذاك بمقتضيات التنظيم العقاري المتعلقة بالشهر والتوثيق وإنما انصرفت إلى إنجاح تدابير حماية الأملاك الشاغرة. وتبعا لذلك فبموجب الأمر 75-74 سارعت الجزائر إلى إرساء نظام الشهر العقاري،والذي يعتمد على المسح العقاري كأساس مادي والسجل العقاري كأساس قانوني وتخصيص بطاقة للعقار بمثابة بطاقة تعريف له وتسليم دفتر عقاري يكون بمثابة سند قوي مثبت للملكية،وذلك لإرساء قواعد الملكية على أسس ثابتة ومتينة. فالأمن القانوني في مجال العقار مرتبط بتطهير العقار وذلك بتسليم سند رسمي يثبت الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية بحيث تكون له حجية قاطعة لا يمكن ضحدها ،ويعتبر ذلك كأثر ناتج عن عملية المسح العقاري. فإن هذه العملية –عملية المسح-تبنّاها المشرع في إطار تنظيم الملكية العقارية واستقرارها وتطورها باعتبارها أداة لتجسيد حق الملكية العقارية عن طريق حصول أصحابها على دفاتر عقارية ومخططات نظامية ترقيمية لعقارات الملاك والحائزين فضلا عن إنشاء بنك معطيات عقاري يعتمد عليه في إنشاء السوق العقارية المرجوة. إن هذا البحث يعد خطوة تقتضيها الضرورة الملحة لضمان الأمن والاستقرار في مجال العقار،لأن أي أمن عقاري مرتبط بالأساس بضرورة احترام قاعدة الرسمية لكل معاملة عقارية وبضرورة شهرها في مجموعة البطاقات العقارية المكونة للسجل العقاري،بحيث لا تغني إحداهما عن الأخرى مما يؤدي إلى المساهمة في التنظيم العقاري وبالتالي المساهمة في توفير المناخ المؤسساتي لمختلف المشاريع الاقتصادية،الاجتماعية وخاصة أمام فتح السوق العقارية وتحرير المبادلات وتبني خيار الاستثمار،وكذا مرحلة تثمين العقار وتطهير التعامل فيه من كافة التصرفات الفوضوية والمضاربات غير المشروعة بما يضمن حقوق المتعاملين فيه والدولة على حد سواء،فهذا هو الذي جعلني أتناوله كموضوع لبحثي بالإضافة إلى قلة الدراسات القانونية في هذا المجال،وخاصة أن موضوع العقار والمعاملات المتعلقة به هي الأكثر انتشارا في وقتنا الحالي ،محاولة مني إثراء المكتبة الجامعية بما جاد في المجال العقاري. وبناءا على ما سبق ذكره تنحصر إشكالية الموضوع مجال البحث في التساؤل حول مدى كفاية هذه الوسائل والآليات في تحقيق الاستقرار والثّبات للمراكز القانونية والعلاقات القانونية في مجال المعاملات العقارية؟ وما هي الضمانات الكفيلة لتحقيق هذه الوسائل والآليات الحجية الكاملة واللازمة لاستقرار المعاملات والمتعاملين والوصول إلى مستويات الأمان والاستقرار؟ وتبعا لذلك للإجابة على هاتين الإشكاليتين سوف تكون دراستنا دراسة نظرية إلى تطبيقية،فنقطة البداية هي النصوص القانونية فمنها ننطلق من فكرة قانونية موجودة في القانون الجزائري إلى فكرة تطبيقية في مجال القضاء الجزائري. وبالتالي سوف نقسم بحثنا إلى فصلين: الفصل الأول سنتناول فيه الشكلية كقاعدة من قواعد التنظيم العقاري وسوف نعالج من خلاله مفهوم الشكلية في إطار التصرفات القانونية وخاصة التصرفات العقارية،والتطرق إلى الشكل الرسمي والهدف من فرضه،وكذا تخصيص الدراسة للعقد التوثيقي باعتباره أهم المحررات الرسمية وأكثرها انتشارا في الوقت الحالي،ومن ثم التطرق لأهم المراحل والإجراءات والشكليات التي يمر بها حتى تضفى عليه حجية ودور الموثق في ذلك باعتباره المحور الأساسي وبالتالي يعد كتأمين قانوني لتصرفات الأفراد في مجال المعاملات العقارية بدلا من العقد العرفي والذي سيكون بدوره محل دراستنا وذلك بتبيان موقف المشرع والقضاء منه . أما في الفصل الثاني سنتناول فيه الشهر العيني كتأمين قانوني للمعاملات العقارية وذلك بتبيان مزاياه بدل من الشهر الشخصي،ثم موقف المشرع منه وإلى أي مدى تم الأخذ به وبمبادئه وكذا تبيان الدعامة الأساسية التي يقوم عليها وهو المسح العقاري ،ثم تبيان دور المحافظ العقاري في عملية الشهر العقاري باعتباره المحور الأساسي في نظام الشهر العيني ،وأخيرا تبيان الضرورة الملحة في تحيين وثائق المسح العقاري من أجل ضبط وحفظ السجل العقاري. لما كان الهدف من الدراسة هو البحث عن مدى كفاية الآليات التي جاء بها المشرع لتحقيق الاستقرار في المعاملات العقارية وما هي الضمانات لتحقيق هذه الوسائل والآليات الحجية الكاملة للوصول إلى مستويات الآمان،فإنه إجابة على ذلك فإن المشرع ولإرساء هذه المعاملات على أسس متينة تضمن استقرارها وحماية للمتعاملين،قام بإصدار نصوص تشريعية وتنظيمية تنظم المعاملات الواردة على العقار نظرا لما لهذا الأخير من وزن وثقل اقتصادي باعتبار أن بعض هذه المعاملات تؤثر على العلاقات الإنسانية ومستقبلها واستقرارها كعقد الهبة مثلا،فأقر بأنها لابد أن تتم في شكل رسمي مع ضرورة شهرها. فهذه الشكلية من شأنها توخي الحذر والحيطة والتّأني والتفكير قبل الإقدام على التصرف،ومن جهة أخرى فهي وسيلة للسلطة العامة من خلالها تتمكن من ممارسة الرقابة على تصرفات وعقود الأفراد حتى لا يتعدى أثر تلك التصرفات مما يمس كيانها وهو ما يعرف بالرقابة الاجتماعية ،بحيث هي رقابة تهدف إلى تنظيم الطاقة والمجهود القانوني للأفراد في قناة تصب في بحر المصلحة العامة،كما أنها وسيلة لتحصيل الدولة الجانب الضريبي وذلك من خلال إخضاعها للتسجيل لدى مصلحة التسجيل. حيث أنه كما رأينا يعتبر العقد التوثيقي تجسيد لمبدأ الشكلية ،ومن أكثر المحررات الرسمية انتشارا نظرا لحرية المعاملات وانتشار الملكية الفردية،فهو يعد تأمين قانوني للمعاملات العقارية واستقرارها،باعتبار الموثق حقوقي ذو اختصاص عام وكذا مرشد عادل ومستشار قانوني وعضو في العدالة الوقائية وكذا متعامل اقتصادي وقابض للضرائب،فكل هذه الصفات تضفي الشرعية على أعماله فتساهم في توفير الأمن المادي والقانوني. ويمكن القول أنه لتوفير ذلك الأمان يتطلب على الموثق أن يتمتع بالفطنة والذكاء حتى لا يقع في أي خطأ من الأخطاء،سواء كانت أخطاء عمدية أو عفوية لأهمية هذه التصرفات وما يترتب عليها ،وليس من المعقول التعامل مع كلّ فئات المجتمع بنفس الأسلوب فهناك من يقدم عليها بحسن نيّة ومنهم من يقدم عليها بسوء نيّة وهناك من يريد التحايل والاختلاس ،سواء فيما يتعلق بالعملية أو ما يتعلق بالحقوق الواجبة عليه،ويبقى الموثق هو الحكم الذي يحكم بالعدل وليس أدلّ على ذلك من الآية الكريمة لقوله عزّ وجلّ:{وليكتب بينكم كاتب بالعدل...}صدق اللّه العظيم. إن العقد التوثيقي له قوة وحجية تنفيذية ولا يمكن الطعن فيه إلا بالتزوير ،بسبب تميزه بعدة خصائص وهي السرية ،الموثوقية ،التكاملية وسلامة المحتوى،فهو يمر بعدة إجراءات تضمن سلامته سواء على مستوى الموثق أو على مستوى مصلحة التسجيل ،حيث أن هذه الأخيرة تتثبّت من صحة هذه التصرفات ومن مدى توفرها على الشروط القانونية ومن صحة المعلومات فيها ،ولهذا يعتبر التسجيل قرينة إثبات حول صحة التصرفات أو بطلانها في حالة الدفع بتزوير العقد الرسمي فكثيرا ما يسترشد القضاء في ذلك بمفتشي التسجيل. إن الطعن بالتزوير هو إجراء معقد وليس بالطريق السهل فهو بمثابة مساس بأمانة ونزاهة الموثق. فالضمانات التي يتميز بها العقد التوثيقي غير موجودة في العقد العرفي ،وإن كان إجراءا سهلا لا يتطلب تكاليف باهظة ولكنه من العقود الهشة وسهل الطعن فيها بالإنكار والجهالة ،فهو لا يخضع لأي إجراءات قانونية سوى لشرطي الكتابة والتوقيع ،لذا فالأمن القانوني منعدم في العقد العرفي ويضيع حقوق الأفراد والدولة على حد سواء. ومن أجل توفير حماية أكبر وحصانة أكثر لهذه العقود التوثيقية أوجب القانون شهرها،فكما نعلم أن المشرع الجزائري قد تبنى نظام الشهر العيني كنمط عصري للحفظ العقاري بموجب الأمر رقم 75-74 وكذا المرسومين التنفيذيين له 76-62 و 76-63،فهذا النظام يقوم على مجموعة من المبادئ التي من شأنها أن تدعم الأمن والائتمان ،وفيها يقوم المحافظ العقاري بدور أكبر أثناء شهر تلك التصرفات فهو ملزم بإتباع إجراءات قانونية معقدة يتطلب فيها توخي الحذر والحيطة حماية للمتعاملين وحماية له،حيث يلتزم بتفحص كل الوثائق والتحقق من صحتها ومن أهلية الأطراف وإرادتهم وكذا من العقارات وتحديدها تحديدا نافيا للجهالة. إن هذا النظام يقوم على دعامة أساسية وهي المسح العقاري وذلك بتحديد معالم الأرض وتقسيمها إلى ملكيات وإعطائها أرقاما خاصة ورسم مخططاتها،فهذه العملية تؤدي إلى تطهير الوضعية العقارية وتجسيد حق الملكية العقارية بتسليم أصحابها الدفاتر العقارية ومخططات نظامية وترقيمية ،لهذا تمر عملية المسح بعدة مراحل وإجراءات لتكفل لها الشرعية ولصون حقوق الأفراد وحمايتها ومنها إعلام الجمهور والملاك ببدء هذه العملية لحضورهم في الميدان،بحيث كفل لهم القانون حق الاعتراض والتظلم. ومن أجل الإسراع وتطهير الملكية العقارية والتحكم في الفضاء العقاري استدعى المشرع توفير آلية تمثلت في الوكالة الوطنية لمسح الأراضي لدفع وتيرة المسح. فكما رأينا أنه قد أولت السلطات التي كانت تدرك أن سجل مسح الأراضي والدفتر العقاري يمثلان ضرورة مطلقة اهتماما خاصا لهذا الملف ،وعملت في أواخر الثمانينات على إعطاء انطلاقة جديدة لأنشطة المسح على أسس أفضل سيما مع المساعدة التي قدمها البنك العالمي والتي مكنت من تشخيص الوسائل وتمويلها. والحال أن وثائق المسح التي تم إعدادها قابلة للتغيير،فبمجرد بدء العمل بها يتغير مضمونها سواء لأسباب قانونية-عمليات نقل الملكية العقارية بين أحياء بسبب الوفاة-أو لأسباب طبيعية -البناءات الجديدة،عمليات الهدم-وإذا لم يقع الحرص على حفظ ما تحقق في هذا المجال فإن كافة التضحيات التي بذلت من أجل مسح الأراضي والفوائد المنتظرة منه في مجال التطهير العقاري وجعله أداة للتهيئة العمرانية تكون معرضة للخطر بصورة جدية،ومن هذا المنطلق تتجلى الضرورة الحتمية في أن يولّى لعملية تحيين عملية المسح بصورة دائمة بقدر الاهتمام الذي حظي به إنجازه. وفي ختام دراستي استخلصت مجموعة من النتائج وهي: 1-حيث أن المشرع قد فرض الرسمية والشهر والتسجيل في المعاملات العقارية من أجل ضمان الشفافية والثقة المشروعة وعدم مفاجأة ومباغتة الأطراف المتعاملة،ويتجسد ذلك من خلال إعلامهم وتبصيرهم بآثار تصرفهم،وضمان التوازن العقدي بينهم ويظهر ذلك من خلال تحديد مضمون العقد وشكله،وتدخل أطراف من الغير تمثل السلطة العامة لتوجيههم. وبالتالي فالاستقرار القانوني ليس فكرة نظرية وإنما هو ممارسة يومية تقتضي الوضوح في المراكز القانونية للأفراد في معاملاتهم اليومية،وتعتبر أجهزة الدولة أحد الآليات التي تحقق ذلك الاستقرار ومنها كما بينا سابقا الموثق ومصلحة الشهر العقاري. 2-فعلا إن المشرع قد تبنى نظام الشهر العيني وذلك بموجب الأمر 75-74،ولكن لإرساء هذا النظام لابد من المسح العقاري في كامل الإقليم الوطني ،فعملية التطهير بواسطة هذه الآلية لازالت بعيدة كل البعد بسبب تأخر أعمال المسح،وكان ذلك كما رأينا بسبب عدة أسباب ،فكل هذا أدى إلى كثرة المناطق غير الممسوحة ،وبالتالي ازدواجية في نظام الشهر العقاري مما دفع البعض بالقول أن نظام الشهر في الجزائر هو نظام مختلط. فتبعا لذلك فمن أجل إضفاء الأمن على الملاك والحائزين للأملاك العقارية وذلك بتسليمهم لسندات ملكية رغم تأخر وتيرة المسح ،فقد تبنى المشرع لآليات موازية وبدائل لإنجاح عملية التطهير العقاري ،ومنها اعتماد آلية التقادم المكسب بنوعيه عن طريق حكم قضائي أو عقد شهرة ،وكذا استحداث شهادة الحيازة بموجب قانون التوجيه العقاري،ثم المبادرة بسن القانون 07-02 المتضمن آلية معاينة الملكية عن طريق تحقيق عقاري. 4-فالمشرع قد أعطى للشهر الحجية النسبية لأنه أجاز الطعن في الحقوق المشهرة والعقود التوثيقية المشهرة وكذا في الترقيمات النهائية دون أجل مسقط للدعوى ،على عكس الطعن في الترقيم المؤقت ،بالإضافة إلى الدفاتر العقارية المكرّسة لحق الملكية والحقوق العينية العقارية وذلك بدعوى البطلان والفسخ والإلغاء والنقض،رغم أنه أخذ بمبدأ التعويض للمتضررين من جراء الشهر ومن أخطاء المحافظ العقاري والطعن في قراراته بموجب المواد 23 و 24 من الأمر 74-75. كما نعلم أن التعويض في نظام الشهر العيني ناتج عن الأثر المطهر للشهر وبالتالي فهناك تناقض بين هذه المواد،فيفترض المشرع توفير الأمن القانوني برفع هذا التناقض بين النصوص القانونية وسد الثغرات. ونشير أيضا إلى أن المشرع بأخذه بهذه الحجية النسبية للشهر كان تدعيما لقواعد العدالة على حساب استقرار المعاملات ،وذلك حماية لصاحب الحق المهدر والمالك الحقيقي. 5-بالإضافة إلى هذا فالمشرع قد أخذ في القانون المدني بالتقادم المكسب كآلية لاستقرار المعاملات ومجازاة للمالك المهمل ولكن ذلك ليس في ظل نظام السجل العيني الذي يستدعي لتطبيقه تكاليف باهظة وإمكانيات ضخمة وخبرات أجنبية ،لتعميم المسح الذي يعد كأداة وحيدة للتطهير العقاري. ولكن المشرع لم ينص على حظر التقادم في قوانين الشهر العقاري كما فعل ونص على هذا الحظر في المرسوم 83-352 لإعداد عقد الشهرة ،ممّا أدى إلى مشاكل على المستوى التطبيقي وتناقض للقرارات القضائية بين مؤيد لهذا المبدأ ورافض. وفي الأخير أود أن أختم دراستي ببعض التوصيات والاقتراحات وهي: 1-إن السير نحو التطهير العقاري لا يتم إلا في إطار عملية تنظيم عقاري منسجم يخص بالتحديد تفعيل التوثيق والحفظ العقاري ،فأملنا في توفير كل الضمانات الجدية والفعالة لحماية الموثق وشرعية عمليات التوثيق وإجراءات ممارسة هذه الوظيفة وعدالتها وأخلاقياتها وذلك لحماية حقوق وحرية المتعاملين فلابد من تطوير هذه المهنة الحيوية،وكذا لابد من ترقية وظيفة المحافظ العقاري الذي يجب أن يتكون جيدا في مجال تنظيم الملكية العقارية في جانبها التقني والقانوني،طالما أنه يضطلع بوظيفة تقترب من الصلاحيات التي أعطيت للقاضي. 2-لابد من إعادة النظر في القوانين التي تنظم الشهر العقاري والنظر في التناقض الحاصل بينها وبين القانون المدني بخصوص التقادم المكسب. 3-الإسراع في إنجاح وتيرة المسح وذلك بالاستعانة بالخبرات الأجنبية وجعل هذه العملية من أولويات برامج الحكومة،حيث اكتفت المجالس الوزارية المتعاقبة على التنديد بنهب العقار فقط وضرورة استكمال النصوص القانونية الخاصة بذلك ،وقد سجل تجاهل واضح لهذه العملية أثناء الشروع في تحديد البرامج الكبرى للإصلاحات الاقتصادية والقانونية التي شرع فيها مع مطلع التسعينيات ،دون وضع جهاز قوي كفيل بتحقيق تقدم واضح في الميدان،حيث أن عدم إدراج هذه العملية ضمن برامج الحكومة جعل المسؤولين المحليين غير معنيين بمتابعة العملية،والاكتفاء فقط بالإشراف من بعيد على افتتاح العملية دون مساهمة جدية. 4-الإسراع في إنشاء المحاكم المتخصصة في المادة العقارية للمساهمة بصفة غير مباشرة في عملية التطهير وتوفير الأمن والاستقرار القانوني،وتكوين القضاة وكذا إنشاء معاهد متخصصة في المادة العقارية ووحدات البحث الأكاديمي على مستوى الجامعات للاضطلاع بمستقبل الاستقرار العقاري وإنهاء مسألة التطهير.
URI/URL: http://hdl.handle.net/123456789/655
Collection(s) :Droit

Fichier(s) constituant ce document :

Fichier Description TailleFormat
resume.pdf68,7 kBAdobe PDFVoir/Ouvrir
View Statistics

Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.

 

Ce site utilise la plate-forme Dspace version 3.2-Copyright ©2014.