DSpace
 

Dspace de universite Djillali Liabes de SBA >
Mémoire de Magister >
Droit >

Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://hdl.handle.net/123456789/582

Titre: المسؤولية عن فعل التخذير
Auteur(s): CHENTOUF, Rihana hadjira
BOUDALI, Mohamed
Date de publication: 26-jui-2013
Résumé: أضحت مهنة التخدير والإنعاش تخصصا مستقلا ومعترفا به في جميع دول العالم، بعد أن كانت في النصف الأول من القرن الماضي مجرد عمل يعهد به إلى هيئة التمريض إن لم يقم به الجراح بنفسه. وقد نجم عن هذا التعقيد العلمي، انعكاسات على المستوى القانوني فقد أدى هذا التخصص العلمي إلى ظهور وجه جديد للمسؤولية الطبية الخاصة بالأخطاء والحوادث المتعلقة بممارسة نشاط التخدير الأمر الذي أدى إلى تعديل العديد من قواعد المسؤولية الطبية سواء في شقها المدني أو شقها الجزائي لتتماشى مع خصوصية هذا النوع من الممارسة الطبية. نتيجة لهذا كله، أضحى موضوع المسؤولية عن فعل التخدير من مواضيع الساعة لاسيما وأنه يطرح مشكلات شديدة التعقيد، ذلك أن طبيعة هذا العمل تفترض وجود علاقات مع جميع أفراد الفريق الطبي سواء كانت أعمالهم متلازمة كالتعاون بين أخصائي التخدير والجراح طوال فترة الجراحة، أم كانت أعمالهم متعاقبة كالتعاون بين أخصائي التخدير والممرضين خلال الفترة اللاحقة للجراحة. كل هذه الأسباب دفعتنا إلى اختيار هذا الموضوع بالدراسة من خلال الإجابة على الإشكالية التالية: كيف تتحدد معالم المسؤولية القانونية عن فعل التخدير؟ تنطوي هذه الإشكالية على مجموعة من الإشكاليات الفرعية هي: ما هو الاستشفاء بالتخدير؟ ومن هم المكلفون بمهام التخدير والإنعاش، وبالتالي المسؤولون عن الإخلال بها؟ ما هي موجبات ترتيب المسؤولية عن فعل التخدير؟ كيف تتقرر المسؤولية المدنية والجزائية عن فعل التخدير؟ إن الإجابة على إشكالية البحث يقتضي منا إتباع المنهج التحليلي من خلال دراسة المواد القانونية والتطرق إلى الآراء الفقهية والأحكام القضائية كلما لم تسعفنا النصوص القانونية بالإجابة عن المشكلات التي يطرحها هذا الموضوع، مع الاستعانة بالمنهج المقارن الذي يفرض نفسه في هذه الدراسة خصوصا مع التطورات الهائلة في المجال التشريعي الصحي الفرنسي باعتباره منارة العديد من التشريعات العربية وبالأخص التشريع الجزائري الذي ينتهج ـ بخطى متثاقلة أحيانا ـ نهج نظيره الفرنسي الذي كان ولا يزال يشهد تطورا متسارعا في القواعد المنظمة لهذه المهنة. أما بالنسبة لهيكل الدراسة، فقد ارتأينا إتباع الخطة الثنائية إذ نتطرق إلى بيان التنظيم القانوني لمهنة التخدير والإنعاش في الفصل الأول من خلال تحديد موجبات قيام المسؤولية، على أن نتطرق في الفصل الثاني إلى تكريس المسؤولية المدنية و/أو الجزائية للمكلف بالتخدير حسب نوع ودرجة التقصير في تنفيذ الالتزامات القانونية التي يؤدي الإخلال بها إلى ترتيب المسؤولية في جنب المسؤول عن التقصير. غير أن هذا البحث لن يكتمل إلا إذا وقفنا ـ قبل الشروع فيه ـ على ماهية النشاط محل المسؤولية وتشخيصه القانوني، وكذا تحديد الأشخاص القائمين به والمخاطبين بالالتزامات القانونية الملقاة على عاتقهم. كُلُّ ذلك سنشمله بالدراسة من خلال الفصل التمهيدي. الفصل التمهيدي: تنظيم مهنة التخدير والإنعاش البحث في تحديد المسؤولية عن فعل التخدير يستلزم منا التساؤل أولا ماهية نشاط التخدير، وعن صفة الأشخاص المكلفين به، قبل البحث عن موجبات تقرير مسؤوليتهم، وكيفيات تفعيل هذه المسؤولية. المبحث الأول: مفهوم الاستشفاء بالتخدير نتناول في هذا المبحث تعريف نشاط التخدير من المنظور اللغوي، الطبي، ثم القانوني (المطلب الأول) ثم نحدد الأساس الشرعي لإباحة الإستشفاء بالمواد المخدرة وكذا الأساس القانوني لمشروعية الإستشفاء بها (المطلب الثاني) المطلب الأول: تعريف التخدير إن عمل التخدير في حد ذاته لا يمكن اعتباره من الأعمال الطبية المستقلة بذاتها والتي تهدف إلى الشفاء أو الوقاية أو حتى التشخيص ، ولكنه على العكس من ذلك أحد الأركان المكملة للتدخل الطبي، يهدف فقط إلى التحكم في وظائف الجسم لمدة زمنية معينة يتم خلالها إجراء العمل الطبي الرئيسي والمتمثل في غالبية الأحيان في عملية جراحية ذات طبيعة علاجية أو غير علاجية. يمكن لوجه المسؤولية القانونية أن يتغير حسب التعريف القانوني للتخدير متى حدد طبيعة عمل التخدير بأنها طبيعة علاجية أو غير علاجية ففي الحالة الأولى تترتب المسؤولية عند الإخلال بالالتزام ببذل عناية، أما في الحالة الثانية فإن المسؤولية تقوم عند الإخلال بالالتزام المشدد بتحقيق النتيجة لانعدام القصد العلاجي كما هو الحال في "تخدير الرفاهية" anesthésie de confort، كإجراء أشعة IRM تحت تأثير التخدير العام، أو كإجراء الولادة تحت تأثير المخدر النصفي anesthésie péridurale. المطلب الثاني: أساس الاستثناء بالمواد المخدرة يستند الأساس الشرعي لإباحة التداوي بالمواد المخدرة إلى قيام حالة الضرورة الشرعية التي تبيح المحظورات، أما الأساس القانوني الذي تُعزَّى إليه استعمال هذه المواد هو نص المادة 04/01 من قانون 04-18 الذي يستثني حالة استعمال المواد المخدرة لأغراض طبية من دائرة اللامشروعية، غير أن هذه المشروعية لا تتقرر فعلا إلا بعد استصدار ترخيص قانوني يجيز التعامل بهذه المواد، يستثنى من ذلك عمليات الاستيراد والتسويق فهي حق حصري للصيدلية المركزية الجزائرية منذ 2012. المبحث الثاني: المكلفون بمهنة التخدير و الإنعاش يكلف القانون فئتين من مهنيي الصحة بالقيام بمهام التخدير هما: الأطباء أخصائيو التخدير والإنعاش (المطلب الأول) والأعوان الطبيون في التخدير والإنعاش (المطلب الثاني) المطلب الأول: الأطباء أخصائيو التخدير والإنعاش يعرف أخصائي التخدير على انه طبيب يحمل زيادة على شهادة الدكتوراه في الطب، شهادة التخصص في علم التخدير والإنعاش أو شهادة معترف بمعادلتها، وهو شخص استوفت فيه شروط ممارسة مهنة الطب التي حددها المشرع الجزائري في إطار ق.ص.ت. ويحكم ممارسة نشاطه في القطاع العام زيادة على ذلك الأمر رقم 06-03، م.ت رقم 09-394 و م.ت رقم 09-393. المطلب الثاني: الأعوان الطبيون في التخدير والإنعاش هم أشخاص تلقوا تأهيلا متخصصا في علم التخدير والإنعاش، خرّيجو مدارس التكوين شبه الطبي سابقا، ومعاهد التكوين شبه الطبي والمعاهد الوطنية للتكوين العالي شبه الطبي حاليا وهم بذلك مخولون بتأدية مهام التخدير والإنعاش وفق الشهادات المتحصل عليها وفي حدود الرتب والمناصب المسندة إليهم والمبينة وفق القانون الأساسي م.ت رقم 91-109 المتمم بالقرارين الوزاريين المشتركين المؤرخان في 04 نوفمبر 2002، والقرار المؤرخ في 24 ديسمبر 2011 ثم الملغى بمرسوم 11-235 الساري المفعول. الفصل الأول: موجبات المسؤولية عن فعل التخدير تتقرر المسؤولية عن فعل التخدير كلما ثبت الإخلال بالالتزامات القانونية التي تحكم هذه الممارسة سواء تعلق الأمر بفترة ما قبل التخدير (المبحث الأول)، أو بفترة ما بعد التخدير (المبحث الثاني) المبحث الأول: الإخلال بالتزامات مرحلة ما قبل التخدير يقع على عاتق أخصائي التخدير في هذه المرحلة نوعان من الالتزامات هما: الالتزام بفحص ما قبل التخدير (المطلب الأول) والالتزام بزيارة ما قبل التخدير (المطلب الثاني) المطلب الأول: الالتزام بفحص ما قبل التخدير هو فحص مستقل عن الفحوص العامة يقوم به شخص أو عدة أشخاص متخصصين بهدف تقرير ما إذا كان لجسم المريض جاهزية لتحمل الخضوع للتخدير طوال المدة اللازمة للجراحة وكذا تجميع المعلومات اللازمة لتحديد الخيارات المتاحة بشأن طريقة التخدير والمواد المخدرة، ثم مناقشة هذه الخيارات مع كل من الجراح والمريض لوضع خطة التخدير. وله طبيعة تشخيصية Diagnostique وليست علاجية thérapeutique الأساس التشريعي لإلزامية فحص ما قبل التخدير بالنسبة للقانون الفرنسي، مرسوم 94-1050 المتعلق بالشروط التقنية لسير المؤسسات الصحية فيم يتعلق بممارسة التخدير، المعدّل بمرسوم 2000—1220 ثم الملغى بمرسوم 2005-840. بالنسبة للقانون الجزائري لا يوجد نص محدد، يستخلص من المادة 18 من مرسوم 91-109 ، والمادتان 20و22 من مرسوم 11-235 والمادة 45 من م.أ.ط ذ الغاية من فحص ما قبل التخدير: هي وضع خطة التخدير بعد التشاور مع المريض، طبيبه المعالج والطبيب الجراح، غير أن الكلمة الأخيرة تعود لأخصائي التخدير بصفته الشخص الذي يضع خطة التخدير ويقوم بتنفيذها تحت مسؤوليته الخاصة متمتعا بذلك بالاستقلال الفني D6124 – 94و204 من ق.ص.ت. المادة 10، 11، و85 من م.أ.ط إلا أن هذا المبدأ ليس على إطلاقه بل إنه مقيد بمجموعة من الحدود هي: 1- اشتراط احترام مبدأ التناسب ما بين المخاطر المحتملة والفوائد المرجوة 2- اشترط أن يكون اختيار بروتوكول التخدير نتيجة لفحص ومعرفة سابقتين للحالة الصحية للمريض 3- اشترط توافق خطة التخدير مع المعطيات الثابتة للعلم المطلب الثاني: الالتزام بزيارة ما قبل التخدير فحص وزيارة ما قبل التخدير التزامان مستقلان أحدهما عن الآخر، كلاهما ضروري ولا يعوض أحدها عن الآخر، الفقرة الأخيرة من المادة D6124-92 الفرنسي وأكدت على ذلك مجموعة من القوانين والأنظمة (articles 22-2, 22-6 de la nomenclature générale des actes professionnels, article R-162-52 du code de la sécurité sociale, Décision du 17 Janvier 2011 de l’Union Nationale des Caisses d’Assurance Maladie) أكد القضاء الفرنسي على هذه الاستقلالية، قرار 04 جويلية 2001 /قرار 11 جويلية 2002 = يجب أن يفصل بينهما على الأقل 48 ساعة فالمادة D6124-92 اكتفت بصيغة "يفصلهما عدة أيام" دون أن تحدد العدد الأدنى لهذه المدة. ينفذ المكلف بالتخدير بمناسبة زيارة ما قبل التخدير التزامان رئيسيان هما: الالتزام بالإعلام، والالتزام بالحصول على الرضا المستنير. المبحث الثاني: الإخلال بالتزامات ما بعد التخدير تتعلق إلتزامات ما بعد التخدير بفترتين هما: فترة الجراحة (المطلب الأول) وفترة ما بعد الجراحة (المطلب الثاني) المطلب الأول: التزامات مرحلة الجراحة الفرع الأول: الالتزام بسلامة وسائل التخدير البند الأول: الالتزام بسلامة أجهزة التخدير حدد مرسوم 2005-840 المتعلق بتحديد الشروط التقنية لممارسة عمل التخدير، الأجهزة التي يجب على المؤسسة الاستشفائية توفيرها لأطباء التخدير في المواد D.6124-95/ D.6124-96. التطبيقات القضائية: 07 يناير2003/ 04 فبراير 2003/ 04 يناير 2005/ 28 جوان 2007 البند الثاني: الالتزام بسلامة مواد التخدير يتوجب على أخصائي التخدير إعلام مريضه بالمخاطر الاستثنائية لهذه المواد فضلا عن المخاطر المعروفة، كما أنه يلتزم بضمان سلامة المريض من هذه المواد وهو التزام بتحقيق نتيجة لا يقضي بشفاء المريض ولكن سلامة هذا الأخير من تفاقم حالته الصحية إلى الأسوأ بسبب هذه المواد حسب ما كشفت عنه المعطيات العلمية الحديثة وليس فقط المعطيات العلمية الثابتة تنفيذ الالتزام بسلامة المواد المخدرة تنجز عنه التزامات أخرى هي الالتزام بالإطلاع أو بتحديث المعارف العلمية لاختيار أكثر هذه المواد أمنا، والالتزام بالاستيثاق من نوع وتركيز المادة المخدرة، و الالتزام بكتابة وصفاته بطريقة مفهومة وواضحة 47 من م.أ.ط R.4127-34 قرار 01 أبريل 2008. قرار 18 جوان 2002 الفرع الثاني: الالتزام برعاية المريض البند الأول: الالتزام بالتأكد من الوضعية المناسبة لجسم المريض. اختيار هذه الوضعية هو من المسؤوليات المشتركة بين الجراح وأخصائي التخدير لأنه يتم حسب مقتضيات التخدير من جهة وطبيعة الجراحة من جهة أخرى قرار 03 جوان 2010 / قرار 14 أكتوبر 2010 البند الثاني: الالتزام بملازمة المريض التزام يقع على عاتق أخصائي التخدير أساسا ولكن يجوز له في أحيان معينة وبشروط محددة الاستعانة بأشخاص مؤهلين وكفوئين لتنفيذ هذا الالتزام. المطلب الثاني: التزامات مرحلة ما بعد الجراحة: الفرع الأول: الالتزام بضامن إفاقة المريض ينهض بعبء ضمان إفاقة المريض، أخصائي التخدير بمفرده،كما يمكن لأخصائي التخدير أن يعهد بمهمة الإفاقة من التخدير إلى أحد مساعديه أو أحد أعضاء الفريق العلاجي الذي يراه كفؤا لذلك، على أن يستجيب لاستدعائه في الوقت المناسب متى أظهر تطور حالة المريض الصحية أي من المضاعفات التي تتعدى قدرته العلمية R 4311-12 الفرع الثاني: الالتزام بمراقبة ما بعد الجراحة تعرف المواد D6124-91 al.03 / D6124-97 al.01er الالتزام بمراقبة ما بعد الجراحة بأنه مراقبة تأثير المواد المخدرة على جسم المريض، وعكس مفعولها، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة الصحية للمريض وكذا المضاعفات المحتملة الوقوع المتعلقة بالتخدير = D6124-97 al.02, 03, et 04مراقبة ما بعد الجراحة تبدأ في قاعة العمليات مباشرة بعد الانتهاء من الجراحة، وتتواصل أثناء نقل المريض إلى قاعة أخرى وتستمر إلى غاية استعادة المريض التامة لجميع وظائفه الحيوية. يتفرع عن الالتزام بمراقبة ما بعد الجراحة ثلاثة إلتزامات هي: الالتزام بحراسة المريض، الالتزام بمراقبة التجهيزات، الالتزام بمراقبة تطور حالة المريض الصحية الفصل الثاني: تكريس المسؤولية عن فعل التخدير نتناول في طيات هذا الفصل مسؤولية أخصائي التخدير والإنعاش في صورتيها المنفردة ثم المتعددة، وذلك عند تعرضنا للمسؤولية المدنية (المبحث الأول)، ثم للمسؤولية الجزائية (المبحث الثاني). المبحث الأول: المسؤولية المدنية عن فعل التخدير نتناول في هذا المبحث المسؤولية المدنية الشخصية للمكلف بالتخدير، ثم مسؤوليته المدنية ضمن الفريق الطبي المطلب الأول: المسؤولية المدنية الشخصية للمكلف بالتخدير نتناول في الفرع الأول من هذا المطلب المسؤولية الخطئية عن التخدير، بأركانها التقليدية: الخطأ، الضرر، والعلاقة السببية. البند الأول: الخطأ المتعلق بالتخدير يقدر حسب المعيار الموضوعي، يؤخذ بالظروف الخارجية عند تقدير الخطأ، ويعتبر التخصص الطبي أحد الظروف الخارجية التي تفرض على الطبيب عناية أكبر لأن الأخصائي مؤهل أكثر من عامة الأطباء ، فيكون مطالبا بيقظة أشد، وهو ما قررته محكمة النقض في قرارها الصادر في 08يناير 2008 البند الثاني: الضرر المتعلق بالتخدير الشروط والأنواع 124 من ق.م.ج 1382 من ق.م.ف. يمكن أن يكون الضرر مادي، أو معنوي لكن يجب أنم يكون محققا. لا يشترط أن يكون التعويض عن الأضرار المختلفة مؤسسا على نظام واحد للمسؤولية، بل يمكن أن يكون الضرر مؤسسا على أنظمة مختلفة، يعتبر كل منها أساسا قانونيا للتعويض عن جزء منه، ففي قضية Perruche مثلا، لا يعترف القانون للوالدين إلا بالتعويض عن الضرر المعنوي، أما الضرر المادي فقد تم التعويض عنه على أساس التضامن الوطني. كما يمكن لعناصر الضرر أن تتعدد وتتنوع مثل قرار 12جويلية 2006 نظرية قوات الفرصة لا يمكن لها أن تطبق في غير المجال المدني ذلك أم مفهوم ضياع الفرصة لا يتلاءم مع مبادئ الإثبات الجزائي والتي تستلزم للحكم بالإدانة وجود علاقة سببية مباشرة وأكيدة. لكن جانب من الفقه يجيز تطبيقها في المجال الجزائي أيضا (François DELOBBE  / Charles DELVAUX) أن تكون العلاقة السببية مباشرة وأكيدة لتحقيق المسؤولية الجزائية = لا يقصد هنا أن تكون العلاقة أكيدة بالمعنى المطلق والقاطع وإنما بالمعنى القانوني، فالقانون لا يستلزم يقينا مطلقا وإنما يستلزم فقط درجة عالية من الترجيح، فينتفي الطابع الاحتمالي لفوات الفرصة. البند الثالث: العلاقة السببية دور الخبرة حيوي في نفي أو إثبات المسؤولية الطبية بتوافر العلاقة السببية 95 إلى 99 من م.أ.ط، 186 من ق.ص.ت.، 125 ق.إ.م.إ، وإن كانت تخضع للسلطة التقديرية للقاضي126 من ق.إ.م.إ، يشترط أن تكون العلاقة مباشرة، وان تكون العلاقة أكيدة، ولا يستلزم قيام المسؤولية تحققهما معا، بل يكفي تحقق أولهما على الأقل= 15 ديسمبر 2009 /14 يناير 2010 28 جوان 2007 = رفض إقامة المسؤولية على أساس علاقة سببية تتعدد بشأنها الاحتمالات والفرضيات 21 يناير 2003 = نفي المسؤولية الجزائية لانعدام السببية الجزائية لكن تحقق السببية بمفهومها المدني الفرع الثاني: المسؤولية بدون خطأ عن التخدير تطور أسس المسؤولية: من الخطأ الثابت إلى الخطأ المفترض إلى المسؤولية بدون خطأ، وقد تم تكريس نظرية المخاطر في مجال التخدير في قضية Joseph Imbert d’Arles 03 نوفمبر1997، تم تعرضنا لأهم التطبيقات القضائية لنظرية المخاطر في مجال التخدير: شروط الخطر يجب أن يكون استثنائيا، معروفا، غير متوقع، وغير مرتبط بالحالة الصحية للمريض أو بتطورها المتوقع. ففي قضية 19 ماي 2004 = رفض القضاة تطبيق نظرية المخاطر لأن الخطر الذي تحقق غير استثنائي رغم جسامة الضرر. وفي قضية 10 مارس 2004 = خطر الوفاة في جراحة استبدال صمام الشريان الأورطي بالقلب تتراوح بين 04% الى 10% = غير استثنائي. الخطر معروف ولكن لا يوجد ما يشير إلى احتمال حدوثه وبالتالي يكون تحققه غير متوقع، يمكن مراقبة تحقق هذا الشرط من خلال الرجوع إلى نتائج فحص ما قبل التخدير. وفي قضية 12 جويلية 2006 فحص ما قبل التخدير لم يشر لأي داع لعدم استعمال مادة التخدير Protoxyde d’Azote والتي كانت السبب في تحقق الضرر. وفي قضية 16 ماي 2007 = فحص ما قبل التخدير لم يسفر على أية عوارض أو مؤشرات تتعارض مع استعمال التخدير العام شروط الضرر: يجب أن يكون الضرر جسيما، دائما، ألا يرتبط بالتطور المتوقع للحالة المرضية. ففي قضية 15 نوفمبر 2006 = الضرر الجسيم نسبة 100% من العجز ناتج عن الدخول في غيبوبة دامت خمس سنوات و انتهت بالوفاة. وفي قضية 13 جوان 2001 = أضرار غير جسيمة بل هي أضرار اعتيادية أصابت المريض جراء تحقق خطر معروف ومتوقع تم إخطار المريض به وإعلامه بكافة النتائج المترتبة عنه أثناء زيارة ما قبل التخدير. وفي قضية 05 جوان 2002 = الأضرار وإن كانت على درجة عالية من الجسامة (غيبوبة لعدة أشهر وتعرضت لمضاعفات كلوية وشلل أطرافها السفلى، الأمر الذي استلزم عدة تدخلات جراحية ومتابعة العلاج الفيزيائي لمدة طويلة) إلا أنها تتسم بطابع مؤقت. وفي قضية 30 جويلية 2003 شلل الأطراف السفلي لا تربطه أي علاقة بالحالة الصحية الأولوية للمريض أو التطور المتوقع لهذه الحالة. وفي قضية 27 أكتوبر 2000 = "إن النظام المسؤولية بدون خطأ لا يقتصر فقط على تعويض الضرر المباشر و لكنه يشمل كذلك الضرر المرتد الذي يصيب أقارب المريض". وأخيرا، فإن قضية 20 يناير 2011 تؤكد بأن عمل التخدير يُعدّ ضروريا ولازما لجميع التدخلات الجراحية دون البحث فيم إذا كان القصد من الجراحة علاجيا أو غير علاجي. المطلب الثاني: مسؤولية المكلف بالتخدير المدنية ضمن الفريق الطبي الفرع الأول: مسؤولية المكلف بالتخدير ضمن الفريق الجراحي البند الأول: استقلال المسؤولية أولا: التدرج من الفصل المطلق إلى الفصل النسبي للاختصاصات رغم الاعتراف بعلم التخدير والإنعاش كفرع علمي مستقل منذ 1947 إلا أن أخصائي التخدير لازال يعتبر مجرد معاون للجراحaide opératoire ويسأل هذا الأخير عن الأخطاء التي يرتكبها 1966 قرر القضاء لأول مرة الفصل بين اختصاصاتهما وكذا مسؤوليتهما ولازال القضاء الفرنسي يؤكد على انفصال عمل طبيب التخدير على عمل الجراح مما أدى إلى استقلال مسؤوليتهما نظرا لتخصص وتأهيل كل منهما على مستوى عالي من الخبرة والإلمام بتخصصه، الفصل المطلق بين الاختصاصات قد أظهر مساوئه، فأصبح كل عضو يهتم بالأفعال التي تخصه وأصبح مجال المسؤولية منحصرا في الأعمال المباشرة التي تدخل في إطار عمل كل منهما مما سبب شيوع المسؤولية في وسط الفريق الواحد وبالتالي تعريض سلامة المريض للخطر التخفيف من قسوة هذا الفصل المطلق باشتراط وجوب تعاون مشترك بالمعنى الضيق بين أعضاء الفريق الجراحي مع إسناد دور المنسق إلى الجراح الذي ينحسر دوره في تنظيم الأعمال المختلفة التي تتجه إضافة إلى العمل الذي يؤديه إلى غاية واحدة هي إنجاح الجراحة التي يباشرها فتكون المراقبة العامة للعلاج التزاما يقع على عاتق الجراح دون أن يعني ذلك إنكار الكفاءة العالية لطبيب التخدير أخصائي التخدير لا يعتبر تابعا لأخصائي الجراحة حتى وإن كان الثاني هو من اختار الأول، لكن ذلك لا ينفي المسؤولية عنه إذا ما ثبُت تقصيره في تنفيذ للالتزام بالتنسيق والإشراف العام فأدى ذلك على المستوى القانوني إلى تكريس ذاتية الأخطاء وتوزيع المسؤوليات داخل الفريق الجراحي، وفي نفس الوقت توفير حماية أكبر للمرضى بإسناد مهمة الإشراف العام للجراح. ثانيا: استقلال العقود التخصص في المجال الطبي أدى إلى تفكيك روابط التبعية التقليدية، مما أتاح الفرصة أمام كل عضو في التعاقد مباشرة مع المريض مما يؤدي إلى تعدد العقود وبالتالي المسؤوليات العقدية داخل الفريق نفسه ، أما إدا كان الجرّاح هو المتعاقد الوحيد مع المريض، فإنه يكون مسؤولا عن الأخطاء التي يرتكبها طبيب التخدير مسؤولية تعاقدية عن فعل الغير، كما يمكن تترتيب مسؤولية طبيب التخدير على الأساس التقصيري أو شبه التقصيري. لكن منذ مرسوم 94-1050 أصبح كلا من المريض وأخصائي التخدير ملزمان بالاجتماع قبل موعد الجراحة بـ 48 ساعة على الأقل فيكون بذلك مربط العقد أثناء زيارة ما قبل التخدير أين يُعرب المريض عن رضاه بالخدمة المقدمة من طرف أخصائي التخدير. البند الثاني: تداخل المسؤولية أولا: المسؤولية المشتركة لأعضاء الفريق الجراحي يجب أن يكون لكل عضو روح تضامن حقيقية تتجه نحو تعاون صادق ومستمر بين باقي الأعضاء. فإن نتج عن هذا التدخل الجماعي أضرار أصابت المريض تمت مساءلة أعضاء الفريق الجراحي كفريق واحد يلتزم بجبر الضرر على أساس التضامن In solidum ويقوم القضاة بتقدير نسبة مساهمة كل عضو في تحقق الضرر التي تقدر على أساسها نسبة التعويض التي يلتزم بدفعها كل منهم 14 يناير 2011 / 09 أبريل 2002/ 07 يناير 2003 ثانيا: خلق منطقة التزامات مشتركة بين أعضاء الفريق الجراحي 1- الالتزام بالمشورة المتبادلة: الإعلام المتبادل information mutuelle إذ يلتزم كل أخصائي بإعلام زميله بتفاصيل تدخله لأن سلوك كل واحد منهما يؤثر على قرارات الآخر= 27 يناير 2004 2- الالتزام برقابة ما بعد الجراحة: إذا كانت المتابعة اللاحقة للعملية الجراحية تقع أساسا على عاتق طبيب التخدير بمقتضى تخصصه، إلا أن الجراح يقع عليه التزام عام باليقظة والانتباه بوصفه رئيس الفرقة يسند إليه التنسيق والإشراف العام. 3 - إصدار القرار بتسريح المريض: من الاختصاصات المشتركة بين أخصائي التخدير والجراح الذي مارس التدخل الجراحي 101 al.dernier-D612. وعن طريق الإذن للمريض بالخروج من المؤسسة الاستشفائية يُصدر الجراح وأخصائي التخدير قرارا ضمنيا آخر هو تقرير انتهاء فترة ما بعد الجراحة وبالتالي انقطاع العلاج الاستشفائي. وهو التزام يسألان عليه بالتضامن إذا ثبت إصابة المريض بأضرار ترجع إلى تقهقر حالته في فترة ما بعد الجراحة 27 جوان 2006 الفرع الثاني: مسؤولية المكلف بالتخدير عن الفريق العلاجي البند الأول: مسؤولية أخصائي التخدير عن تفويض الاختصاص يتم ذلك بشرطين: أن يكون الاختصاص المفوض ثانويا، وأن يكون المفوض إليه مؤهلا لممارسة هذا الاختصاص البند الثاني: مسؤولية أخصائي التخدير عن أعمال تابعيه على أساس رابطة التبعية 136 من ق.م.ج /73/02 م.أ.ط. تحقق بوجود سلطة فعلية متى كان أخصائي التخدير متمتعا بالولاية على: سلطة التوجيه وسلطة الرقابة. ومرد ترتيب المسؤولية المدنية في جنب طبيب التخدير عن الأضرار التي تسبب في إحداثها تابعوه إلى افتراض خطأ يُسند إلى هذا المتبوع، يُرَدُّ إلى سوء اختياره لتابعيه أو تقصيره في مراقبتهم، وهو افتراض لا يقبل إثبات العكس. ففي قضية 30 أكتوبر 2008 تم الاعتراف لممرض التخدير بأنه شخص مؤهل للقيام بعملية تخدير نصفي، غير أن ذلك يجب أن يتم تحت إشراف ومراقبة أخصائي التخدير الذي غاب عن غرفة الجراحة طوال فترة التخدير وبالتالي تمت مسائلته مسؤولية شخصية عن فعل التابع. إشكال حرية الاختيار: لا تتحقق المسؤولية المدنية عن فعل التابع بمفهوم الفقرة الثانية من المادة 73 من م.أ.ط إلا إذا كان أخصائي التخدير حرا في اختيار مساعديه، وهو أمر يرى البعض بأنه لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار الاستشفاء الخاص، لأن الإطار العام للاستشفاء العمومي يقتضي انفراد الإدارة بسلطة تعيين كل من الأطباء والمساعدين وكذا تسيير المرفق، غير أن هذا الرأي مردود عليه باعتبار أن إدارة المستشفى لا تملك إلا سلطة التسيير الإداري أما السلطة الفعلية في ممارسة الأعمال الفنية للأعمال الطبية تبقى للأخصائي وحده، وبالتالي فإن معيار وجود رابطة التبعية لا يتعلق بسلطة التعيين وإنما بالسلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه، وعلى هذا الأساس بنيت التبعية العرضية. ففي قضية 06 مارس 2008 تم إلغاء قرار الإستئناف الذي اكتفى بوجود العقد للإقرار بوجود علاقة التبعية دون تبيان العناصر المكونة لسلطة رب العمل في إعطاء الأوامر والتعليمات ومراقبة التنفيذ ومعاقبة التقصير. المبحث الثاني: المسؤولية الجزائية عن فعل التخدير نتناول في هذا المبحث المسؤولية الجزائية الشخصية للمكلف بالتخدير (المطلب الأول) ثم المسؤولية الجزائية المتعددة للمكلف بالتخدير (المطلب الثاني) المطلب الأول: المسؤولية الجزائية الشخصية للمكلف بالتخدير الفرع الأول: الجرائم العمدية نتناول في هذا الفرع جريمة القتل العمد والتي تأخذ الجريمة وصف القتل بالتسميم حسب مفهوم المادة 260 من ق.ع في حالة قيام أخصائي التخدير بتزويد المريض بجرعة زائدة من مادة التخدير. ثم جريمة الجرح العمد، التي تتحقق في حالة تخلف عنصر الترخيص القانوني بمزاولة مهنة الطب فتعتبر التدخلات غير مشروعة يعاقب عليها بعقوبة جنحة الجرح العمدي حسب أوضاع المادة 264 . ثم نتناول أخيرا، جرائم الاستعمال غير المشروع لمواد التخدير، ذلك أن جميع مستخدمي الصحة عموما والمكلفين بالتخدير خصوصا، يقع عليهم التزام قانوني بالحفاظ على مواد التخدير، ذلك أن صفاتهم تخولهم وعيا و دراية أكبر بسُميَّة هذه المواد، تخولهم كذلك سلطة استخدامها بالطرق المشروعة قانونا، أما سوء استعمال هذه الصفة وبالتالي السلطة المترتبة عليها، يعرض صاحبه لعقوبات أشد من تلك التي تتقرر في جنب الأشخاص العاديين. يحددها قانون 04-18. وما يزيد من خطورة الأدوية المستعملة في التخدير هو إدخال المرض في حالة من العجز البدني مما يزيد من ضعفه، فيقع على المكلف بالتخدير في هذه الفترة، التزام أخلاقي وقانوني بالحفاظ على كرامة جسد المريض واحترام إنسانيته 06/02 و07 من م.أ.ط و11 من ق.ص.ت. أما التحرش به أو الاعتداء عليه فإنه يرتب في هذه الحالة عقابا أشد من الحالات العادية. كما في قضية 24 نوفمبر 2004 أين تمت إدانة ممرض التخدير بتهمة الاعتداءات الجنسية الجسيمة، بثلاث سنوات حبس موقوفة النفاذ، وخمس سنوات منع من ممارسة مهنة التمريض في تخصص التخدير، كما فصلت في موضوع التعويضات المدنية. الفرع الثاني: الجرائم غير العمدية نتناول في هذا الفرع جريمة القتل الخطأ بإهمال كما في قضايا 19 جوان 2007 ،03 نوفمبر2010 أو بعدم مراعاة الإلتزامات التي تفرضها القوانين والأنظمة كما في قضية 24 مارس 2009. ثم نتناول جريمة الإصابة و الجروح الخطأ التي يختلف تكييفها القانوني من مخالفة إلى جنحة حسب جسامة نتيجتها الإجرامية، فتعتبر جريمة الإصابة الخطأ جنحة إذا نتج عن الخطأ عجز كلي عن العمل لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر 289 من ق.ع. أما إذا لم يتجاوز العجز الكلي الناتج عن الخطأ ثلاثة أشهر فتكون الجريمة مخالفة 442/02.وتتدرج العقوبة وفق تدرج التكييف. ثم نتناول قضية 11 سبتمبر 2001 التي أدين بمناسبتها الأخصائي بسبب عدم الاحتياط في تنفيذ قواعد السلامة المنصوص على واجب احترامها قانونا مما نتجت عنه إصابات خطيرة. المطلب الثاني: المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في مجال التخدير الفرع الأول: مفهوم المسؤولية الجزائية عن فعل الغير تعرف المسؤولية الجزائية عن فعل الغير بأنها: "مسلك شخص مخالف لواجب يفرضه القانون على المخاطب بقاعدته في امتناع كان سببا في النتيجة الإجرامية التي تترتب بفعل الغير" فمراجعة مفهوم العلاقة السببية لوضع أساس قانوني للمسؤولية الجزائية "عن فعل الغير"، يتعارض مع مبدأ جزائي أصيل هو "مبدأ شخصية المسؤولية وتفريد العقاب" باعتباره مبدأ دستوري نص عليه الدستور الجزائري في المادة 142 . أما في القانون الفرنسي فقد أرست محكمة التمييز الفرنسية مبدأ المسؤولية عن فعل الغير بقرار 26 نوفمبر 1856 حيث اعتبرت أن الأنظمة المتعلقة بممارسة مهنة معينة تلزم شخصيا من يتعاطى بهذه المهنة ويبقى بالتالي خاضعا للعقوبات التي نصت عليها هذه الأنظمة في حال مخالفتها من قبله شخصيا أو من قبل تابع له. وتؤسس المسؤولية الجزائية عن فعل الغير على "نظرية الخضوع الإرادي" (الأرجح) تعرف كذلك بـ: "نظرية العقد" باعتبار أن» كل من يتولى إدارة مشروع أو يباشر مهنة، يرتضي سلفا الخضوع لما تفرضه القوانين عليه من التزامات تتصل بنشاطه، فيقبل تبعا لذلك بتحمل نتائج الإخلال بهذه الالتزامات سواء المدنية أو الجزائية. «. تم طرح نظريات أخرى أقل ترجيحا هي: نظرية التتابع والاشتراك في المسؤولية، نظرية الفاعل المعنوي وازدواج الجريمة، نظرية الإثم أو السلوك الخاطئ. الفرع الثاني: صور المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في مجال التخدير البند الأول: مسؤولية الجراح عن أعمال أخصائي التخدير. استقر القول على الاعتراف بالاستقلال الفني لأخصائي التخدير عن أخصائي الجراحة نظرا للتأهيل العلمي والتخصص التقني اللذان يجعلانه منفردا باختصاصاته،  وبالتالي بمسؤولياته. غير أن الجراح في ذات الوقت أسندت إليه مهمة المنسق بين أعضاء الفريق الطبي وكذا مهمة رئاسة هذا الفريق، مما يخلق علاقة تبعية غير ذات المفهوم التقليدي بينه وبين أخصائي التخدير وكذا باقي أعضاء فريقه ما يجعله مسؤولا جزائيا عن الأخطاء التي تصدر منهم في حال ثبوت إهمال الرقابة لدى الجراح وقيام علاقة سببية بين هذا الإهمال والنتيجة الحاصلة. أشهر التطبيقات قضية Sarrazin 22 جوان 1972. البند الثاني: مسؤولية أخصائي التخدير الجزائية عن أفعال تابعيه. مسؤولية أخصائي التخدير الجزائية عن أعمال تابعيه، لا تنعقد بمجرد وصفه كمتبوع وإنما يستلزم توقيع هذه المسؤولية إسناد خطأ ثابت أو مفترض لهذا المتبوع ذلك أن المسؤولية الجزائية عن فعل الغير هي في حقيقتها مسؤولية عن خطأ شخصي بحق من يشرف أو يباشر سلطة على الغير فلا يسأل أخصائي التخدير على هذا الأساس عن أخطاء تابعيه إلا في حالتين محددتين حصريا. أولا: حالة الاستعانة بمساعد غير مؤهل: يعتبر التأهيل العلمي أحد الشروط الأساسية للالتحاق بمهنة المساعدين الطبيين، يُثبت بالشهادة التي تسلم إلى المساعد بعد تلقيه التكوين المناسب 217 من ق.ص.ت.، فبالنسبة لهذه الحالة يكون الخطأ الذي يسأل عنه أخصائي التخدير هو سوء اختياره لهذا المساعد غير المؤهل علميا أو على الأقل غير ذي خبرة كافية لإجراء بروتوكول معقد تستدعيه الحالة المرضية، فلا يدرأ الطبيب المسؤولية عن نفسه إلا إذا أثبت حالة الضرورة و الاستعجال، أو خطأ الغير أي أن المستشفى هي التي قامت بتعيينه، بل وباختياره لمساعدته في القيام بالعمل الطبي الذي ارتكب بمناسبته الفعل المجرم 73 من م.أ.ط.وبالتالي فإن الخطأ في الاختيار يقع على المستشفى 19 فيفري 1986. أما هذا المساعد فإن مسائلة أخصائي التخدير لا تحجب عنه المسؤولية بل إنها تقوم على أساس عدم إتباعه لأصول مهنته متى كان العمل الطبي يدخل ضمن الاختصاصات الفنية للمساعد وثبتت عدم كفاءته المهنية في تنفيذ هذه الاختصاصات والضابط في هذه الحالة هو المعيار الموضوعي. 18 ماي 2010 = مسؤولية جراح تجميل حائز على شهادة التخصص في التخدير والإنعاش أيضا عن تهمة الإصابة الخطأ، لاستعانته بأشخاص غير مؤهلين لمساعدته في إجراء عدّة تدخلات جراحية مما ترتب عليه إصابات خطيرة لخمس من مريضاته ثانيا: حالة التقصير في الإشراف والرقابة: قوام رابطة التبعية بين أخصائي التخدير و مساعديه هو تمتعه بسلطة فعلية في الإشراف والرقابة على أعمال تابعيه، فان انتفت هذه السلطة تقطعت روابط التبعية فلا يسأل أخصائي التخدير عن النتيجة الإجرامية التي تحققت بفعل هذا المساعد. و لا يحول دون ممارسة أخصائي التخدير لسلطته في الرقابة على أعمال تابعيه إلا الاستقلال الفني الذي يتمتعون به أما الأعمال غير المشمولة بحصانة الاستقلال الفني للمساعد فإنها تخضع لسلطة أخصائي التخدير في الرقابة و بالتالي يكون مسؤولا عن أخطاء تابعيه ويتجسد ذلك في وضعين: 1- حالة تنفيذ أمر أخصائي التخدير: يتحمل أخصائي التخدير نتائج نشاط أحد تابعيه اذا كان تنفيذا لأمر صادر عنه دون ترتيب أي مسؤولية على هذا التابع، لكن يجب التفريق بين صورتين: أمر خطأه ظاهر وأمر خطأه غير ظاهر 2- حالة تفويض الاختصاص: التفويض وإن كان يعفي أخصائي التخدير من أداء المهمة المفوضة شخصيا إلا أنه لا يعفيه من الالتزام بالإشراف على المفوض إليه ومراقبة حسن تنفيذه وإلا اعتُبِر مسؤولا عن الأخطاء التي ارتكبها المفوض إليه لئلا يكون التفويض عذرا للتخلص من الأعباء والمسؤوليات. 13 فبراير 2007 = إدانة أخصائية التخدير بتهمة القتل الخطأ على أساس أن الأخصائية لم تعط للفريق العلاجي توجيهات دقيقة حول كيفية مراقبة ما بعد الجراحة. الـــخـــاتـمـــــــــــة لا يمكن تصور التخدير كعمل طبي منفرد أو مستقل، فالتخدير بطبيعته عمل طبي مكمِّل لعمل طبي آخر، غالبا ما يكون تدخّلا جراحيا، مما أدى إلى تعقّد العلاقات التي تحكم أخصائي التخدير وباقي أعضاء الفريق الطبي الذي ينقسم إلى فريق جراحي وفريق علاجي ، مما جعل رسم حدود الاختصاصات المسؤولية عن فعل التخدير أمرا غاية في التعقيد عبر كامل مراحل التدخل الجراحي. فتتحدد المسؤولية داخل الفريق الجراحي وفق مساهمة كل من الجرّاح وأخصائي التخدير في تحقيق الضرر، مما يثير إشكال تحديد نطاق اختصاصات كل منهما. فقد أدى التدرج من الفصل المطلق إلى الفصل النسبي لهذه الاختصاصات إلى الاعتراف بمسؤوليتهما المشتركة، وخلق منطقة التزامات مشتركة ينهض الاثنان بأعبائها، تضم هذه المنطقة: الالتزام بالمشورة المتبادلة، الالتزام برقابة ما بعد الجراحة،إصدار القرار بتسريح المريض. وتتحدد المسؤولية داخل الفريق العلاجي وفق درجة التبعية التي تربط الأخصائي بأعضاء الهيئة شبه الطبية، فإذا تم تفويض الاختصاص بالشروط القانونية انتفت مسؤولية الأخصائي، أما في الحالة التي تتحقق فيها أركان التبعية القانونية يتوجب على الأخصائي تحمل تبعات أعمال تابعيه.
URI/URL: http://hdl.handle.net/123456789/582
Collection(s) :Droit

Fichier(s) constituant ce document :

Fichier Description TailleFormat
chentouf.pdf207,42 kBAdobe PDFVoir/Ouvrir
View Statistics

Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.

 

Ce site utilise la plate-forme Dspace version 3.2-Copyright ©2014.