DSpace
 

Dspace de universite Djillali Liabes de SBA >
Mémoire de Magister >
Droit >

Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://hdl.handle.net/123456789/554

Titre: العقوبات الإدارية على المتعامل الإقتصادي في الصفقات العمومية و العون الإقتصادي في قانون المنافسة - دراسة مقارنة -
Auteur(s): DICH, Souria
BOUDALI, Mohamed
Date de publication: 21-mai-2014
Résumé: تعتبر الصفقات العمومية الوسيلة الأساسية التي تضبط مشاريع التنمية و الحياة الاقتصادية، بحيث تضطلع بوظيفة إعادة توزيع الموارد الوطنية، و لها مساهمة اقتصادية مهمة. و نظرا لأهمية الصفقات العمومية التي أولاها المشرع أهمية خاصة ، بحيث تعتبر من أهم الوسائل التي تستعملها المصالح المتعاقدة لممارسة نشاطها ، و تنفيذ برامجها بهدف تنفيذ الأشغال العامة، توريدات، خدمات و دراسات. فبينما تنفرد المصلحة المتعاقدة بوضع شروط العقد، يقتصر دور المتعامل الاقتصادي بقبولها أو رفضها. كما تعتبر المنافسة حقيقة اقتصادیة تفترض وجود عدد كبير من الأعوان الاقتصاديين يعرضون منتجاتهم و خدماتهم، و يتمتعون باستقلالية كاملة في اتخاذ القرارات. و یُعرّف قانون المنافسة بأنه : " مجموعة من القواعد القانونیة الموضوعة من قبل السلطة العامة قصد تنظیم الحیاة الاقتصادیة بین المتعاملین الاقتصادیین" . أما العون اقتصادي : " كل منتج أو تاجر أو حرفي أو مقدم خدمات أيا كانت صفته القانونية، يمارس نشاطه في الإطار المهني العادي أو بقصد تحقيق الغاية التي تأسس من أجلها" . إن الإشكالية لمختلف صور الإخلالات المتعلقة بالصفقات العمومية، وسبل مكافحته بالإضافة إلى تدخل الإدارة لمنع الممارسات المنافية للمنافسة . جعلتنا نطرح الإشكالية الرئيسية لهذه الدراسة تتمثل فيما يلي : كيف تؤثر التجاوزات التعاقدية في مجال الصّفقات العمومية على حماية المال العام ؟ و كيف يمكن ردع أعمال المتعاملين الاقتصاديين المخلين بالتزاماتهم التعاقدية من طرف المصلحة المتعاقدة؟ و من جهة أخرى لقد عمدت معظم التشريعات إلى التدخل لضبط المنافسة من خلال تجريم الممارسات التي تؤدي إلى عرقلة أو تشويه أو تقييد المنافسة في السوق، فكيف عالج المشرع هذه الإشكالية ؟ و ماهي الجزاءات التي رخص بها المشرع للإدارة لقمع هذه الجرائم ؟ و لما كان موضوع الدراسة متشعبا، فارتأينا أن يكون الموضوع منصبا على إبراز الجزاءات الإدارية في مجالي الصفقات العمومية و قانون المنافسة و ذلك بتقسيمه إلى فصلين . الفصل الأول سلطة المصلحة المتعاقدة في توقيع الجزاءات على المتعامل الاقتصادي. الفصل الثاني الجزاءات الإدارية على العون الاقتصادي في قانون المنافسة تناولت في بداية الفصل الأول تعريفا للصفقات العمومية وعن طرفي العلاقة، حيث تبرم الصفقة بين طرفين أحدهما شخص من الأشخاص المعنوية العامة و تدعى المصلحة المتعاقدة، و شخص أو عدة أشخاص طبيعية أو معنوية، يدعى المتعامل المتعاقد. أما في صلب الموضوع كان حول الجزاءات الإدارية على المتعامل الاقتصادي المخل بالتزاماته ، في حالة إخلاله بالتزاماته التعاقدية، و عدم الامتثال للإدارة، مما يظهر امتياز الإدارة في ممارسة سلطاتها، حيث أن للمصلحة المتعاقدة حق أصيل في توقيع عقوبات إدارية على المتعامل الاقتصادي دون المرور على القضاء. و هذه الجزاءات لها نظام قانوني يميزها عن تلك التي تعرفها عقود القانون الخاص الذي و إن وصل فيه الجزاء لحد الفسخ فيكون عبر القضاء. في حين تستقل المصلحة المتعاقدة بتوقيع جزاءات على المتعامل معها دون اللجوء للقضاء، و هنا تتجلى مظاهر سلطات الإدارة الممنوحة طبقا للقانون. تتمتع الإدارة بسلطات و امتيازات واسعة تكمن في توقيع جزاءات على المتعاقد معها حالة إخلاله بالتزاماته التعاقدية. و تتنوع الجزاءات بين جزاءات عقدية ، و أخرى غير عقدية . فمن حيث المبدأ يجوز توقيع جزاءات على المتعامل الاقتصادي طبقا لما اتفق عليه في العقد، و هناك جزاءات أخرى غير عقدية ، يمكن للإدارة بموجبها توقيع جزاءات على المتعامل المتعاقد، و لو لم ينص عليه في العقد. و هذا الأمر يفرضه ضرورة الحفاظ على المصلحة العامة، و ضرورة سير المرفق العام بانتظام و اضطراد. و عليه تخضع العقوبات للقواعد العامة للقانون الإداري و التي تتضمن المبادئ التالية : إذا كان العقد قد أغفل تحديد جزاءات مقابلة لمخالفات معينة فلا يترتب على ذلك عدم وجود جزاءات. إذا حدّد العقد جزاءات لبعض المخالفات ، و أغفل تحديد البعض الآخر فلا تعني أن تبقى هذه الأخيرة بدون جزاء. كل التزام تعاقدي يقابله جزاء في حالة مخالفته. أما عن أنواع الجزاءات التي يمكن الإدارة توقيعها على المتعامل الاقتصادي الذي ثبت إخلاله بالتزاماته العقدية فتنقسم إلى جزاءات مالية تشمل : غرامات التأخير ، في حالة التنفيذ الغير المطابق، فهي بمثابة تعويضات جزافية. و مصادرة مبلغ الضمان تأمينا للإدارة ، و ضمانا ضروريا يُشرع لمصلحتها، تنوعت بين : كفالة ( ضمان) التعهد ، كفالة حسن التنفيذ، كفالة رد التسبيقات و ضمان الكفالة، و هذه كلها ضمانات لازمة تضمن أحسن الشروط لتنفيذ الصفقة. وهذه الجزاءات تتميز بكونها جزاءات اتفاقية ، لا يمكن للإدارة توقيعها إلا إذا كان العقد ينص عليها، و هي تحدث بمجرد حدوث تأخير ، دون إثبات وقوع ضرر بالإضافة أنها توقعها دون حاجة لإعذار المتعامل الاقتصادي. أما النوع الثاني من الجزاءات فهي غير مالية، و تتنوع بين الجزاءات الضاغطة المتمثلة في : وضع المقاولة تحت الإدارة المالية ، الشراء على حساب المورد ، وضع المرفق تحت الحراسة، و ما يميز هذه الجزاءات أنها توقع حتى في حالة سكوت العقد على النص عليه ، لكنها توقع بتوافر شروط محددة قبل تنفيذه ، و هي ارتكاب خطأ جسيم من المتعامل المتعاقد، و وجوب اعذاره و منحه مهلة. بالإضافة إلى الجديد الذي جاء به المرسوم الرئاسي 10- 236 المعدل و المتمم من جزاءات إدارية تمثلت في: الإقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية، و التسجيل في قائمة المتعاملين الاقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية في حالات معينة و بكيفيات طبقا للقرار الوزاري المؤرخ في 28 مارس 2011. فيكون الاقصاء مؤقت و نهائي و كل شكل يصنف بدوره إلى إقصاء تلقائي و بمقرر. أما التسجيل في قائمة الممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية فهو أيضا يتفاوت بين المنع المؤقت و المنع النهائي مع إعطاء كل الضمانات للمتعامل الاقتصادي، تمثلت بتبليغه، تعليل مقرر المنع، و إمكانية الطعن على مقرر المنع أمام الجهات القضائية المختصة. و من أثار هذا النوع من الجزاءات ، فهي أن قراري الإقصاء و التسجيل في قائمة المنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية يشمل جميع المصالح المتعاقدة. و هناك الجزاء الأكثر تشددا و المتمثل في الفسخ بأنواعه سواء بالتراضي ، الفسخ بالإرادة المنفردة للإدارة، و الفسخ بحكم القانون، ضمن شروط محددة ، نظرا لأنه يضع نهاية حاسمة للعقد، و لذلك فكان لا بد له من قيود و إجراءات صارمة، و شروط تمثلت في الخطأ الجسيم و ضرورة الإعذار التي تُعد بمثابة ضمانة للمتعامل المتعاقد. أما الفصل الثاني فجاء بدراسة الجزاءات الإدارية في قانون المنافسة من طرف هيئات إدارية مخصصة لذلك. فلما كان يسود العالم نظام اقتصادي أفرزته التطورات الجذرية في النظام الاقتصادي، نحو إقامة تكتلات اقتصادية في ظل سوق تنافسية واسعة، عمل كلا من المشرعين الجزائري و الفرنسي على تكريس مبدأ حماية المنافسة، لأن الاحتكار يهدد المنافسة الحرة كقيمة يحميها القانون. فركزت في البحث عن دراسة أنواع الممارسات المقيدة، و هي أساليب مختلفة لاحتكار السوق، و قسمت البحث إلى ممارسات أحادية و ثنائية الطرف . تمثلت الممارسات الأحادية الطرف في : التعسف في وضعية الهيمنة. التعسف في استغلال وضعية التبعية الاقتصادية. البيع بسعر منخفض تعسفيا. أما الممارسات الثنائية الطرف تتمثل في : الاتفاقات غير المشروعة. التجميع غير المرخص به. عقود الشراء الاستئثارية. و لما كانت المنافسة الفعلية في سوق تتوقف على محاربة الممارسات المقيدة للمنافسة من خلال تبني قواعد إجرائية تتضمن التطبيق السليم و الفعال للقواعد الموضوعية المقررة في قواعد المنافسة. و نظرا لكون الجرائم المتعلقة بالمنافسة صعبة من حيث إثبات تقدير وقائعها و تكيفيها الذي يتطلب خبرة و تخصص في الميدان ، قامت التشريعات و منها الجزائرية ، و الفرنسية ، بإنشاء هيئات إدارية خولت لها مراقبة و ضبط المنافسة في السوق، و محاربة الانتهاكات المرتكبة، و منحت لها صلاحيات واسعة مع إمكانية توقيع جزاءات في حالة عدم التوقف عن الممارسات المنافية للمنافسة . خصصت الدراسة في هذا الفصل إلى الجزاءات الموقعة من طرف مجلس المنافسة ، و لكن قبل اتخاذ هذه الجزاءات ، يتخذ المجلس تدابير تحفظية عن الممارسات التي تهدف إلى المساس بالمنافسة ، لحماية الاقتصاد الوطني عامة، و لحماية مصالح الأعوان الاقتصادية خاصة، و هذا لمعالجة أوضاع مستعجلة بهدف الحد من آثارها المحتملة لغاية الفصل النهائي في الموضوع ، كتعليق الممارسة المقيدة للمنافسة، أو إعطاء أمر للمؤسسة بالرجوع إلى الحالة التي كانوا عليها. فيما تنوعت العقوبات الرئيسية الصادرة عن مجلس المنافسة بين إصدار أوامر معللة لوقف الممارسة المنافية للمنافسة ، كالأمر بوضع حد للممارسات المقيدة للمنافسة ، و الأمر باتخاذ بعض الإجراءات. و صلاحية توقيع الغرامات المالية على الأعوان الاقتصادية المخالفين للحظر القانوني على الممارسات غير المشروعة ، حُدّدت في القانون الجزائري بحدها الأقصى و هو 12% من رقم الأعمال من غير رسوم لآخر سنة مالية مختتمة، أو بغرامة تراوحت بين ضعفي الربح المحقق بواسطة هذه الممارسات على ألا تتجاوز أربعة أضعاف هذا الربح، و إذا لم تتوفر للعون الاقتصادي رقم أعمال فتحددت ب 6 ملايين د.ج. و في القانون الفرنسي فتحددت ب 10% من رقم الأعمال العالمي من غير الرسوم الأكثر تحققا للسنوات المختتمة. و تُحدّد هذه الغرامات المالية نسبة لمعايير : خطورة الممارسات. أهمية الضرر اللاحق بالاقتصاد. وضعية المؤسسة. كما يمكن عدم الحكم بالغرامة في حالات و شروط معينة تكمن في : اعتراف المؤسسة بالممارسة المنسوبة إليها أثناء التحقيق في القضية. تعاونها لأجل الإسراع في التحقيق. تعهدها بعدم ارتكاب مخالفات لأحكام قانون المنافسة . عدم ارتكاب المؤسسة لمخالفات من قبل لأحكام قانون المنافسة. بالإضافة إلى جزاء آخر المتمثل في نشر القرارات الصادرة عن مجلس المنافسة في النشرة الرسمية للمنافسة، و إلى وسيلة إعلامية أخرى بالنسبة للقانون الجزائري، و في الجرائد اليومية، و الأماكن المخصصة لذلك، على أن تكون نفقات النشر على عاتق مرتكب المخالفة بالنسبة للقانون الفرنسي. هذا و تتدخل هيئات أخرى في مجال المنافسة لتوفير المناخ الملائم لإرساء قواعد المنافسة و حرية التجارة و الصناعة، و المتمثلة في الإدارة المكلفة بالتجارة ، و فيما يخص العقوبات الصادرة من طرف الإدارة المكلفة بالتجارة ، لما يتمتع به الأعوان المكلفون بالتحقيق و المعاينة من صلاحيات : تفحص المستندات و الوسائل حجز السلع و البضائع حرية الدخول إلى المحلات التجارية و التحقيق و المعاينة المتمثلة في : إنجاز تقارير التحقيق و محاضر المخالفات تبليغ المحاضر انطلاقا من امتيازات السلطة العامة التي تتمتع بها مصالح وزارة التجارة، فإن المتابعة الإدارية التي تقوم بها لمواجهة الأعوان الاقتصاديين عن الممارسات المقيدة للمنافسة، تعتبر من صميم مهامها للتطبيق الصحيح لقواعد المنافسة و الممارسات التجارية و هي تدابير و إجراءات التحفظية والمتمثلة في : حجز البضائع و التجهيزات. الغلق الإداري للمحلات التجارية. إجراء المصالحة . مع إخضاع التحقيقات لضمانات على المحققين احترامها، و الالتزام بها، حماية للحقوق و حفاظا على نزاهة التحقيقات. تجدر الإشارة أنني حاولت التوفيق بين كلا من قانوني الصفقات العمومية و المنافسة، و ذلك للتداخل بين القانونين، بهدف استبعاد أية طريقة من شأنها المساس بالمنافسة. فكما أن إعمال المنافسة الحرة في مجال الصفقات العمومية يُعدّ من المبادئ الأساسية التي يتوقف عليها نجاح الطلبات العمومية، فإن المنافسة بما تثيره من تعدد العروض، تسمح للمصالح المتعاقدة باستخدام الموارد العمومية استخداما عقلانيا، و يتيح للمتعاملين فرص للولوج للطلبات، يُعدّ أفضل وسيلة لممارسة حريتي التجارة و المنافسة. فإذا كان قانون الصفقات العمومية يضمن إلى حد كبير حرية المنافسة للأعوان الاقتصاديين المرشحين لنيل هذه الصّفقات، فإن ممارسة حرية الدخول في الطلبات العمومية، لا يقتضي الاقتصار على قواعد تنظيم الصفقات كمصدر وحيد لحماية المنافسة فحسب، بل ينبغي تعزيزها بقواعد أخرى، تتسم بفتح المجال للمنافسة في القطاعات الاقتصادية. ذلك أن استبعاد تطبيق قانون المنافسة على الصفقات العمومية، لم يُأخذ على إطلاقه، لأن النشاط قد يتسم بالطابع الاقتصادي، فنكون أمام تداخل نشاطين. و مادام قانون المنافسة مرتبط بالنشاط الاقتصادي، فإنه لا يمكن أن يخرج العقود الإدارية كلية من مجال تطبيق هذا القانون، لما له من تأثير على المنافسة. نـتـــائـــج البـــحــــث: يتضح لنا أن المصلحة المتعاقدة في مجال الصفقات العمومية تتمتع بسلطات واسعة نابعة من مركزها التعاقدي في مواجهة المتعاقد معها، هذا المركز يجد مبرره في وجوب تقديم المصلحة العامة التي تمثلها المصلحة المتعاقدة على المصلحة الخاصة التي يمثلها المتعامل الاقتصادي، و كل ذلك في سبيل حسن سير المرفق العام الذي وجدت الصّفقة من أجله. لكن يجب على المصلحة المتعاقدة أن تتقيد بالمشروعية عند استعمال سلطاتها، وهذا لكي لا تتعسف في استعمال سلطتها. ذلك أن الهدف من الامتيازات التي تتمتع بها هو تحقيق المصلحة العامة و ليس معاقبة الطرف الآخر من أجل المعاقبة فحسب ، بل للوصول إلى نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي. فلقد حرص المشرع على خضوع عملية إبـــــرام الصفقات لتنظيم الصفقات العمومية، و قانون الوقاية من الفساد و مكافحته، بل و تعدى ذلك إلى قانون المنافسة ، الذي كان متصلا فقط بالأعمال و الممارسات التجارية، و كل ذلك في سبيل التصدي إلى الممارسات المنافية للمنافسة في مجال الصفقات العمومية. و على الرغم من أن قانوني الصفقات العمومية و المنافسة، لم يتضمنا أي مقتضى للإحالة و الربط بين أحكامهما، و لكن ذلك لا يعني القطيعة بينهما، حيث يمكن استنباط عناصر التقاطع بين أحكامهما، سواء من حيث الضمانات الواردة في قانون الصّفقات العمومية، المتعلقة بالأخص على المبادئ التي تحكم الصفقات العمومية، بالإضافة أن المشرع أدخل أحكاما مستوحاة من قانون المنافسة في قانون الصفقات، و بالموازاة أدرج المشرع أحكام تنتمي إلى القانون العام في قانون المنافسة، الذي يحكم النشاط الاقتصادي و التجاري، و كل ذلك في سبيل إضفاء الحماية لحرية المنافسة في الصّفقات العمومية. و من جهة أخرى بدا اهتمام المشرع المتزايد بإعمال قواعد المنافسة في مجال الصفقات العمومية، على وجود إرادة واضحة تهدف إلى تفعيل آليات اقتصاد السوق و الحرية الاقتصادية، و بالتالي إلزام المصلحة المتعاقدة إلى احترام مبدأ المنافسة للوصول للطلبات العمومية، خاصة بعد تداخل قانوني الصّفقات العمومية و المنافسة. و عن نطاق الجزاءات التي يمكن أن توقعها المصلحة المتعاقدة، فبعدما كان القضاء بداية لا يقر إلا بتلك المنصوص عليها في العقد، و لكن عاد القضاء و أقر بإمكانية توقيع عقوبات، حتى و لو لم ينص عليه في العقد. إنّ إخلال المتعامل المتعاقد في الصفقات العمومية هو ما يبرر للمصلحة المتعاقدة توقيع الجزاء عليه. ذلك أن سلطة توقيع الجزاءات هدفها الوصول إلى تنفيذ الصّفقة في المواعيد المقررة، و وفقا للشروط المتفق عليها، و هي جزاءات متدرجة، تبدأ بالجزاءات المالية، و هي جزاءات اتفاقية لا يمكن للإدارة توقيعها إلا إذا كان العقد ينص عليها، و تطبق بمجرد حدوث التأخير في العقد دون حاجة لإثبات الضرر، و دون حاجة لإعذار المتعاقد. و النوع الثاني من الجزاءات الغير المالية ، كالجزاءات الضاغطة ، الإقصاء و التسجيل في قائمة المتعاملين الاقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية، الذي يتوفر على شروط محددة قبل تنفيذه. و أخيرا الجزاء الأكثر تشددا هو الفسخ، الذي يتم في إطار شروط أهمها و جوب الإعذار المسبق للمتعامل الاقتصادي قبل توقيعه. وفي قانون المنافسة، فيهدف كلا من القانون الجزائري و الفرنسي إلى حماية السوق الداخلية من الممارسات المقيدة للمنافسة. أما عن الجزاءات فتنوعت حسب الإدارة التي أوكل لها المشرع توقيعها، في إصدار الأوامر، الغرامات المالية، النشر و تعليق قراراته، من طرف مجلس المنافسة، و صلاحية اتخاذ الإجراءات التحفظية. بالإضافة إلى امتيازات الإدارة المكلفة بالتجارة من إجراءات تحفظية مع مراعاة كل الضمانات. التـوصـيــــات: تتبنى سياسة المشرع إلى حماية المال العام في مجال الصفقات، و ضبط السوق في مجال المنافسة. إلا أن هذه القوانين تتخللها بعض النقائص و الثغرات، حالت دون تحقيق الفعالية المرجوة. فرغم تمتع المصلحة المتعاقدة في مجال الصفقات العمومية بسلطات واسعة في مواجهة المتعامل الاقتصادي نابعة من مركزها التعاقدي، الذي تبرره وجوب تقديم المصلحة العامة، ما يضمن حسن سير المرفق العام ، لكن على المصلحة المتعاقدة أن تتوخى و تتقيد بالمشروعية عند استعمال سلطتها في الجزاء، ذلك أن الهدف من هذه الجزاءات توجيه المتعامل الاقتصادي و تجنب الآثار السلبية للأعمال التي يقوم بها بما يخدم تنفيذ الصفقة. ليس الغرض من هذه الجزاءات إرهاق المتعامل الاقتصادي، بل في تعاون كل من المصلحة المتعاقدة و المتعاقد معها بما يخدم حسن تنفيذ الصّفقة، و عليه يجب النظر إلى المتعامل الاقتصادي كشريك و ليس كخصم. لم يُشر المرسوم الرئاسي إلى الجزاءات الضاغطة كما هو بالنسبة للتشريع الفرنسي، ما عدا بعض الإشارات الغير الواضحة المعالم. على المشرع استكمال البناء التشريعي لجزاء الفسخ ، فلقد نص على جزاء الفسخ في المواد 112 و 113 لكنها لم تتضمن أهم حالات الفسخ، و تبيان الحالات التي تبرر هذا الجزاء، لكي لا يترك لتقدير المصلحة المتعاقدة، لكي لا تتعسف في تكييفها القانوني، و وضع حد للسلطة التقديرية للإدارة. يلاحظ استمرار العمل بدفتر الشروط الإدارية العامة لسنة 1964 المطبقة على صفقة الأشغال العامة، رغم أنه يحيل تارة إلى نصوص فرنسية مثل المادة 44 منه، مما يجعله من الناحية القانونية ملغى، و يتعارض في الكثير من أحكامه مع التنظيم الحالي للصفقات، كالاختلاف في النسبة المئوية بمبلغ الضمان ما بين دفتر الشروط الإدارية العامة الذي يحددها بين 3 و 10 % والمرسوم الرئاسي المنظم للصّفقات العمومية الذي يجعلها بين 5 و 10 % وهو ما يستدعي وجوب تدخل المشرع لتعديل دفتر الشروط الإدارية العامة باعتباره النص الأقدم . و كذلك بالنسبة إلى تحديد نسب اقتضاء غرامة التأخير، لم يقم المشرع إلى تفصيلها على كل نوع من الصفقات على حدة. بالإضافة إلى ما يتسم به الدفتر من مفردات المستعملة في صياغته، و التي تعتبر غير مألوفة بالنسبة للغة القانونية المستعملة في التشريع الجزائري كالعمالة و غيرها، كما أن المصطلحات التي يتضمنها كالشركات التعاونية و غيرها، لم يعد قائما، مما يصعب تجسيد فهم النص بحكم صدوره في فترة ما بعد الاستقلال، أين يختلف التوجه السياسي والاقتصادي عما هو عليه الآن. مما يستدعي مراجعته بما يتناسب و التنظيم الحالي. كما يتعين إصدار دفاتر الشروط الإدارية المتعلقة بصفقات اللوازم و الخدمات، طبقا لما نصت عليه المادة 10 من المرسوم الرئاسي 10- 236. و بالنسبة لقانون المنافسة فعلى الرغم من الترسانة القانونية التي وضعها المشرع المتعلقة بضبط السوق و الممارسات التجارية و المنافسة الاقتصادية، إلا أنها بقيت مجرد توزيع لقواعد على مختلف النصوص القانونية بتسميات مختلفة. و عليه ففصل قانون المنافسة عن الممارسات التجارية لم يضف شيئا. ثم إن ذكر الصّفقات العمومية في مادتين فقط و هما المادة 2 و 6 في قانون المنافسة يعتبر غير كافي نظرا لخصوصية الصفقة، رغم ما لحق المادة 2 من تعديل ، فبعدما كانت تطبق أحكام هذا الأمر على : الصفقات العمومية ابتداء من الإعلان عن المناقصة إلى غاية المنح النهائي للصفقة بموجب قانون 08- 12 المعدل لقانون المنافسة لتتحول إلى تطبيق أحكامه على : الصفقات العمومية بدءا بنشر الإعلان عن المناقصة إلى غاية المنح النهائي للصفقة بموجب تعديل 10-05 المتعلق بالمنافسة. و معناه أن المشرع قد وسع من تطبيق قانون المنافسة حفاظا على المال العام، و تكريس للمبادئ التي تقوم عليها الصّفقات العمومية. و عليه فإن كل عمل يقيد أو يعيق قانون المنافسة عند إبرام الصفقات، يعتبر طبقا لقانون المنافسة عمل منافي وجب التصدي له. لكن الفترة الممتدة من نشر الإعلان إلى غاية المنح النهائي معناه، عدم خضوع مرحلة إعداد دفتر الشروط إلى قانون المنافسة الذي يعتبر أهم مرحلة قد تتلاعب فيه المصلحة المتعاقدة عند إعداده، و من هنا وجب إخضاع مرحلة إعداد دفتر الشروط لقانون المنافسة، تكريسا للمبادئ التي تقوم عليها الصّفقات العمومية. بالإضافة إلى أن دفتر الشروط يتم بموجبه تحديد الأسلوب الذي تختاره المصلحة المتعاقدة، و كلما انتقلنا من أسلوب لآخر مناقصة مفتوحة، محدودة... يتقلص عدد المتعهدون، و هو ما يمس بمبدأ المنافسة. و يعتبر أيضا مساس بمبدأ المنافسة تتعلق بمعايير اختيار العروض المقدمة لنيل الصّفقة، فإنّ اختيار الإدارة لبعض المعايير، قد يؤدي إلى التقييد التعسّفي للمنافسة، و يحدث ذلك إذا وضعت معايير و كانت بعض المؤسسات هي التي تتوفر فيها وحدها هذه المعايير دون غيرها من المؤسسات. و بالرجوع إلى أحكام المادة 6 من الأمر 03- 03 المعدلة بموجب القانون 08- 12 نجدها أدرجت الصفقات العمومية ضمن حالات حظر الاتفاقات المنافية للمنافسة. و إن كانت المادة أثبتت مرة أخرى التداخل بين قانوني الصفقات و المنافسة، إلا أنه أظهرت مشكلة أخرى تمثلت في تنازع الاختصاص. فإلى من يؤول الاختصاص في هذه الحالة، مع العلم أنه تطبيقا لقانون المنافسة، فإن مجلس المنافسة هو المختص و ذلك بصريح المادة 44 فقرة 2 من الأمر 03- 03 . فالاعتراف باختصاص مجلس المنافسة للنظر باختصاص مجلس المنافسة، يستبعد اختصاص القضاء الإداري، لأن قرارات مجلس المنافسة يطعن فيها أمام القضاء العادي. و من هنا يبرز إشكالية تطبيق قانون المنافسة على الصفقات العمومية، كأحد أهم العراقيل خاصة بالنسبة للمشرع الجزائري الذي يحدد الاختصاص القضاء الإداري بناء على المعيار العضوي، بصريح المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية، التي تولي الولاية العامة للقضاء الإداري في حالة المنازعات الإدارية، و في جميع القضايا التي تكون الدولة، الولاية، البلدية أو المؤسسات العمومية الإدارية طرفا فيها. إن الحل المعتمد في فرنسا لحل مشكل الاختصاص بين القضاء العادي و الإداري، فيما يخص الأعمال التي تقوم بها الأشخاص العمومية في حالة خرق قواعد المنافسة، و المتمثل في نظرية الأعمال المنفصلة، و ذلك باختصاص مجلس المنافسة للفصل في منازعات النشاطات الاقتصادية التي تمس بأحكام المنافسة، متى كانت هذه النشاطات منفصلة عن الأعمال الإدارية المتعلقة بممارسة صلاحيات السلطة العامة أو المرفق العام. بذلك فإن نظرية الأعمال المنفصلة وسعت من مجال اختصاص مجلس المنافسة، بحيث أخضعت النشاطات الاقتصادية التي تقوم بها الأشخاص العمومية ضمن اختصاصه، ما دامت قابلة للانفصال. إن الحدود الفاصلة بين الأعمال الإدارية والممارسات المنافية للمنافسة، دقيقة مما يصعب الفصل بينهما. و يبقى الدور الفعال لمحكمة التنازع في هذه الحالة، لحل مشكل الاختصاص بالنسبة للقانون الجزائري. كما أنه تجدر الإشارة إلى حضور مجلس المنافسة في النصوص القانونية، بشكل قوي عن تواجده المحتشم جدا في الواقع بالنسبة إلى التشريع الجزائري مقارنة مع مجلس المنافسة الفرنسي، مما يؤدي إلى عدم إمكانية بلوغ الهدف المنشود من قواعد المنافسة، و السير المنتظم للسوق بشكل فعلي و فعال. فرغم المجهودات المبذولة من قبل المشرع الجزائري في تطوير مجلس المنافسة، إلا أنه يبقى مجهولا، و ذلك لقلة القرارات الصادرة عنه مقارنة بمجلس المنافسة الفرنسي، مما يعرقل تحقيق الفعالية الاقتصادية من خلال تطبيق قواعد المنافسة الحرة. كما يظهر التناقض في قانون المنافسة بالنسبة للإعفاء، فبينما يسمح المشرع الجزائري بتبرير الاتفاقات المقيدة للمنافسة، من خلال نص تشريعي أو تنظيمي، و ذلك من خلال أثرها الايجابي على الاقتصاد. غير أنه يمنع و بصورة مطلقة كل تصرف استئثاري مهما كانت طبيعته دون أي تبرير، فيجدر تلافي هذا التناقض.
URI/URL: http://hdl.handle.net/123456789/554
Collection(s) :Droit

Fichier(s) constituant ce document :

Fichier Description TailleFormat
resume.pdf67,06 kBAdobe PDFVoir/Ouvrir
View Statistics

Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.

 

Ce site utilise la plate-forme Dspace version 3.2-Copyright ©2014.