DSpace
 

Dspace de universite Djillali Liabes de SBA >
Mémoire de Magister >
Droit >

Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://hdl.handle.net/123456789/547

Titre: الالتزام بضمان السلامة في المجال الطبي
Auteur(s): HAMERLAIN, Faisal
BOUDALI, Mohamed
Résumé: يسعى الأفراد في حياتهم إلى تحقيق حاجاتهم وغاياتهم من خلال تصرفات يقسمها القانون بالنظر إلى دور إرادة الأشخاص في تحقيق الأثر، فإما أن تكون تصرفات قانونية لإرادة الأشخاص الدور الكبير في تحديد أثرها وهي الأكثر وفي مقدمتها العقد. أو أن تكون أعمالا مادية ليس لإرادة الأشخاص سلطانا عليها بل يتولى القانون تحديد أثرها. وحرصت كل التشريعات ضمن العقود إلى الحفاظ على ما يسمى بالتوازن الاقتصادي للعقد، من خلال خلق توازن بين الالتزامات والحقوق بين أطرافه، وكانت تلك النظرة الأولية للمبدأ. غير أنه ولتطور الحياة الاقتصادية وظهور أنواع خاصة من العقود ذات أهمية بالغة بالنسبة لأطرافها لمساسها بالسلامة الجسدية للأشخاص من جهة ولاختلاف المراكز القانونية وتفاوتها بين أطراف العلاقة كان لزاما إعادة النظر في مسألة التوازن الاقتصادي للعقد. ويقصد من القول أعلاه – العقود ذات أهمية بالغة بالنسبة لأطرافها لمساسها بالسلامة الجسدية للأشخاص – هو العقد الطبي باعتبار المحل فيه جسم الإنسان الذي يربط بين الطبيب والمريض، هذا الأخير لدى إقباله على الطبيب لطلب العلاج، فهو إما أن يتوجه إلى المستشفى أو المصحة العمومية، كما قد يختار ويتوجه إلى الطبيب الخاص فيقصده إلى مخدعه الطبي أو عيادته الخاصة. ومؤدى ذلك أن بين المريض والطبيب الخاص عقدا، وأن المفهوم الذي كان سائدا في القضاء الفرنسي قبل سنة 1936 باعتبار أن مسؤولية الأطباء تقصيرية حتى في وجود عقد أو اتفاق بين الطرفين، لم يعد له معنى بعد صدور قرار "ميرسي" وأصبحت عقدية. وبسبب الطبيعة الخاصة لهذا العقد نظرا لأهمية المحل فيه من جهة والفارق العلمي الأكيد بين طرفيه التي تجعل من متلقي العلاج في مركز ضعيف بالنسبة للطبيب فالالتزامات الناشئة عنه هي بذات الأهمية ولم يعد الأمر يقتصر فقط على الالتزام ببذل العناية اللازمة على عاتق الطبيب بل تعداه بظهور التزام حديث يطلق عليه الالتزام بضمان السلامة. والعلة في ظهور هذا النوع الجديد من الالتزام هو التقدم العلمي والاقتصادي وكثيرة الحوادث الناجمة عن تطور وسائل المواصلات، فرأى الفقه والقضاء أن أحكام المسؤولية كما نظمها التقنين المدني لم تعد كافية لتوفير الحماية اللازمة لضحايا هذا التقدم ولابد من وجود حل يحقق حماية أكبر وتوازنا ثابتا للعقد وقد وجدا ضالتهما في فكرة الالتزام بضمان السلامة. فعقد العلاج الطبي هو أحد العقود النادرة التي ترتب التزاما رئيسيا بعلاج المريض وشفائه ويبرز فيه مدى احتياج المريض لالتزام يقع على الطبيب يكون فيه أكثر أمانا ألا وهو الالتزام بضمان السلامة الجسدية للمريض أثناء وبعد العلاج. سنتعرض في هذه الدراسة لفكرة الالتزام بضمان السلامة من حيث مفهومه ونطاقه، بحيث سندرس مفهوم الالتزام بضمان السلامة بتحديد تعريفه وأهميته وطبيعته القانونة، وسنتناول تعريف الالتزام بضمان السلامة بالنظر إلى شروطه ثم تعريفه بالنظر إلى طبيعته. لقد حاول الفقهاء وضع معيارا شاملا بتحديد العقود التي تتضمن الالتزام بضمان السلامة، فذهب البعض إلى أن الالتزام بضمان السلامة يوجد في العقود التي تضع شخص الدائن تحت الحراسة المؤقتة للمدين بالالتزام الرئيسي عن العقد مثل عقد نقل الأشخاص والعقد الطبي. في حين اعتد البعض الآخر في تحديد معيار ضمان السلامة ليس بالنظر إلى محل العقد وإنما بالوسيلة التي يستخدمها المدين لتنفيذ التزامه الرئيسي وعلى ذلك يوجد الالتزام بضمان السلامة في كل حال ينفذ فيها المدين التزامه الرئيسي في مكان أو بأداة تخضع لسيطرته. ولكن لا تتضمن ألأي من الرأيين معيارا شاملا للعقود التي تنشئ التزاما بضمان السلامة. وذهب اتجاه ثالث –وهو السائد في الفقه- إلى أن معيار الالتزام بضمان السلامة يتضمن ثلاث عناصر تعد بمثابة شروط لوجود هذا الالتزام، وهي وجود خطر يهدد السلامة الجسدية لأحد المتعاقدين وأن يعهد أحد المتعاقدين بنفسه إلى المتعاقد الآخر وأخيرا أن يكون المتعاقد المدين بالالتزام بضمان السلامة مهنيا. يختلف الالتزام بوجه عام من حيث طبيعته القانونية فقد يلتزم المدين بتحقيق نتيجة محددة للدائن وقد يلتزم ببذل عناية، وسنتعرض لمضمونن النظرية بتقسيم الالتزامات إلى الالتزام بتحقيق نتيجة والتزام ببذل عناية ثم ندرس تطبيقات هذه النظرية وأخيرا تقديرها. ونتناول في بداية المأخذ الموجه إلى التفرقة بين الالتزام بتحقيق النتيجة والالتزام ببذل عناية ثم المأخذ الموجهة إلى التفرقة بين الالتزام بضمان السلامة لتحقيق نتيجة والالتزام بضمان السلامة ببذل عناية، وترتب على التفرقة بين الالتزام بضمان السلامة بتحقيق نتيجة والالتزام بضمان السلامة ببذل عناية مواجهة المضرور لبعض الصعوبات في سبيل الحصول على حقه في التعويض عن الضرر الذي يصيبه أثناء تنفيذ العقد وتتمثل مظاهر ذلك في عدم استقرار المركز القانوني للمتضررين وعدم المساواة في المعاملة بينهم وأخيرا عدم فائدة الالتزام بضمان السلامة في الأحوال التي يكون محله فيها مجرد بذل عناية. أما مضمون الإلتزام بضمان السلامة فسنتطرق إليه من حيث الالتزام بالإعلام والالتزام بتقديم العلاج ومن ثمة نميز الالتزام بضمان السلامة عن غيره من الالتزامات. يعتبر الالتزام بالإعلام التزاما سابقا عن التعاقد بين الأشخاص يفرضه على المتعاقد إما القانون صراحة والعقد المراد إبرامه، أو المبادئ العامة في القانون كمبدأ حسن النية قبل التعاقد، ويقصد به تزويد المتعاقد في العقود الرضائية بالمعلومات الضرورية التي تسمح له باتخاذ قراره النهائي بالموافقة أو رفض التعاقد بإرادة حرة ومستمرة. وللإعلام أهمية خاصة بالنسبة للمريض بالنظر إلى أهمية محل التعاقد في هذا المجال وهو العمل الطبي المراد توقيعه على جسم المريض. فإن جهل المريض للمعطيات المرتبطة بحالة الصحية وما تتطلبه من تدخل علاجي لاسترجاع عافيته يجعل واجب الإعلان بالنسبة له أكثر من الضروري. من خلال مراجعة المتابعات القضائية الناجمة عن إخلال الطبيب بواجب الإعلام يتضح أن معظمها يدور حول إخلال الطبيب بواجب الإعلام بمخاطر العلاج إن تحقق أحد المخاطر المرتبطة بالعلاج عادة ما يدفع المريض إلى القول أنه لو أحيط علما بهذا والخطر أو ذلك أول مرة ما كان ليوافق على العلاج المقترح، وعليه فمن الضروري على الطبيب أن ينبه المريض إلى المخاطر التي يمكن أن تتحقق من جراء تنفيذ العلاج. ويرتبط الإعلان بمخاطر العلاج من الناحية الأخلاقية بحث المريض في سلامة جسمه وبحقه في تقرير مصيره، وعلى هذا الاساس لا يمكن أن يعرض المريض إلى خطر معين بدون موافقته المسبقة والمستنيرة عليه. تفترض العلاقة القائمة بين الطبيب والمريض وجود عقد علاج صريح أو ضمني يبرم بينهما وبمقتضاه يلتزم الطبيب بتقديم العناية الواجبة في الأعمال الطبية التي يتطلبها التشخيص والعلاج، والأصل أن التزام الطبيب تجاه المريض التزام ببذل عناية، فهو لا يلتزم بشفاء المريض، وإنما يلتزم فقط ببذل العناية اللازمة، في سبيل شفائه، ولذلك فإنه لا يسأل عن عدم تحقق الشفاء وإنما عن تقصيره في بذل العناية اللازمة له. ثم سنحاول دراسة نطاق الالتزام بضمان السلامة في العقد الطبي وعقد الإستشفاء بما في ذلك عمليات نقل الدم التي تعد من العمليات المألوفة في المجال الطبي، وتؤدي دورا مهما في إنقاذ حياة العديد من الاشخاص، ويتعهد الطبيب المعالج بالتزام محدد بتحقيق نتيجة هي نقل الدم نظيف إلى المريض ومتفقا مع فصيلة دمه، وتقوم مسؤوليته التعاقدية عن الضرر الذي يصيب المريض نتيجة نقل دم غير مناسب له أو ملوث بالجراثيم، وتظل مسؤولية الطبيب قائمة إلا إذا قام الدليل على عدم تنفيذه لالتزامه يرجع إلى سبب أجنبي غير منسوب إليه. وكذلك التحاليل الطبية التي تعتبر من العمليات الواقعة على مجال تحديد دقيق، ولا تنطوي على قدر من الاحتمال والمخاطر كغيرها من الأعمال الطبية، لذلك تتجه بصددها إلى اعتبار الطبيب مكلف بنتيجة ألا وهي سلامة التحاليل ودقتها. لقد أدى التقدم العلمي إلى تزايد الإلتجاء إلى الأعضاء الصناعية كوسيلة لتعويض عما يفقده الإنسان من بعض أعضاء جسمه، أو ما يصاب منها بعجز أو ضعف. والتساؤل الذي يثار في هذا المجال هو ما مدى مسؤولية الطبيب عن تركيب الأعضاء الصناعية. كما قد شاع استخدان الأدوات والأجهزة في العلاج وفي الجراحة وذلك بسبب التقدم العلمي الهائل في المجال الطبي وقد تحدث خلال استعمال الطبي هذه الأجهزة إصابات بالغة بالمريض، ومن ثم كان من الضروري معرفة مدى مسؤولية الطبيب عن استعمال هذه الأجهزة في العلاج، على الخصوص أن أسباب الضرر تكون أحيانا مجهولة، حتى بالنسبة للمتخصصين في مجال هذه الأجهزة. وهنا يثار الإشكال حول ما مدى مسؤولية الطبيب على استعمال الأجهزة والأدوات الطبية. يستعين المستشفى الخاص بتنفيذ التزاماتها قبل المرضى بالأطباء الذين قد يكونون معينين من قبل إدارة المستشفى وقد يكونوا معينين من قبل إدارة المستشفى وقد يكونوا غير معينين ولكن يستخدمون المستشفى من حيث الأجهزة وطاقم الأطباء المساعد لمرضاهم الذين يتردد عليهم في عياداتهم الخاصة فالمريض قد يلجأ مباشرة إلى الطبيب لإجراء عملية جراحية للعلاج من مرض معين فيتوجه هذا المريض إلى السمشتفى التي يباشر فيها الطبيب نشاطه الجراحي بناء على طلب هذا الأخير وقد يختار المريض المستشفى الخاص الذي أن يدخلها لإجراء الكشوف الطبية والعمليات الجراحية دون أن يحدد طبيب بعينه يقوم بهذا العمل الطبي ولكن تتولى المستشفى تحديد هذا الطبيب الذي يقدم العلاج للمريض. من المسلم به أن القضاء مطلوب وليس معروض، ومن ثمة لا يكفي لكي يلتزم الطبيب أو القائم بالعمل الطبي تعويض الغير المضرور (المريض) عما لحقه من أضرار جراء العمل الطبي والإخلال بالالتزام بضمان السلامة، بل يجب على من يدعي الضرر ابتداء اللجوء إلى القضاء طالبا الحكم له بتعويض الضرر الناشئ عن الفعل الضار، وعلى القاضي المختص أن يفصل في هذه المنازعة فيقرر بذلك مسؤولية الطبيب من عدمها ومقدار التعويض الملتزم به إذا ما تحققت هاته المسؤولية. وعليه فالأثر القانوني لمسؤولية القائم بالعمل الطبي تتمثل أساس في تحصيل التعويض الناتج عن الضرر الذي أصاب المضرور والطريق العادي لتحديد هذا التعويض تمهيدا لأدائه هو الدعوى التي يقيمها المتضرر أو من يحل محله، ولذلك فإن دعوى مسؤولية الطبيب أو القائم بالعمل الطبي تخضع لسائر الأحكام العامة للدعوى، ولا يختلف الأمر في التشريعات المقارنة – لاسيما المصري والفرنسي- عن القانون الجزائري فيما يخص أثار المسؤولة. إن الحديث عن قيام المسؤولية المدنية للطبيب أو القائم بالعمل الطبي يقتضي بيان الأركان التي تبنى عليها هذه المسؤولية، والتي لو تخلف أحدها لما أمكن القول بالمساءلة مدنيا. وإن هذا يقتضي أيضا تحديد نطاق هذه المسؤولية، أي المجال الذي يمكن أن نحصر فيه قيام هذه الأركان إن كان نطاقها ينحصر في فعل الطبيب أو القائم بالعمل الطبي وحده أم نطاقها يتوسع ليشمل أفعال الغير. وتتأرجح المسؤولية الطبية من حيث طبيعتها القانونية بين مسؤولية عقدية كاصل تقصيرية في حالات استثنائية، كما أن توضيح هذا النطاق يوفر حماية للمريض من جهة بتوضيح مجال حمايته من الأخطاء الطبية، ومن جهة أخرى يعد تكريسا لحرية الطبيب أو القائم بالعمل الطبي في ممارسة مهنته بثقة وحرية وهذا بتحديد نطاق مسؤوليته فلا يخشى بهذا المساءلة عن كل ما يقوم به من أعمال طبية سيما في أعماله الطبية القائمة على الاحتمال. تقتضي القواعد العامة أن الخطأ شرط ضروري لقيام المسؤولية بل تجعل منه الاساس الذي تقوم عليه، إذ يجب على المضرور أن يتمسك بخطأ وقع من الفاعل ويقيم الدليل عليه، وقد أغفلت معظم التشريعات تعريف الخطأ، تاركة ذلك للفقه القانوني وشراح القانون. المعيار الذي يقاس به الخطأ بوجه عام في لالتزام ببذل عناية وهو معيار الرجل العادي أي الرجل الوسط الذي يمثل عامة الناس، فهو رجل يقظ متبصر. ومما ينبغي الإشارة إليه حين تقدير خطأ الطبيب أو القائم بالعمل الطبي، أنه لابد من الإستعافة عن معيار الرجل العادي بمعيار المهني الصالح أي الشخص الوسط واليقظ ممن يمارس نفس المهنة، فالشخص الذي يتخذ لنفسه مهنة معينة لابد أن يعد نفسه لها الإعداد الكامل وأن يحضر لذلك التحضير اللازم، وأن تتم محاسبته ومساءلته على هذا الأساس، بل إن ذات المهنة قد توجد بها مستويات عديدة، ومن الطبيعي أن يراعي مستوى صاحب المهنة عند تقدير خطئه. إن تعيين درجة الخطأ الطبي وكذا تعيين ما يدخل ضمن دائرة الخطأ الطبي الذي تتحقق به المسؤولية هو أمر دقيق أثار انتباه رجال القانون والفقه لأن العمل الطبي بسبب ما يحيط به من أخطار قد يستدعي الخروج عن القواعد العامة كما يتميز به العمل الطبي من الإقدام والإبداع والإبتكار، فتعددت النظريات وانقسم الفقه والقضاء حول المعايير التي يتم تقسيم بها الخطأ الطبي. ويتميز الخطأ الطبي بتنوع صوره سواء المستمدة من أحكام القوانين المنظمة للمهنة الطبية أو من القواعد المستقر عليها في المجال الطبي، وتستمد من مخالفة مجموع الواجبات الملقاة على عاتق الطبيب أو القائم بالعمل الطبي بموجب القوانين المنظمة للمهنة، والتي تلقي على الطبيب مجموعة من الواجبات تعد أساسا واجبات مرتبطة بما توحيه المهنة من ثقة وائتمان على جسد المريض وروحه. يعتبر الضرر الركن الثاني لقيام المسؤولية بصفة عامة ولقيام المسؤولية الطبية بصفة خاصة في دراستنا هته وعليه سنتطرق لذلك بتبيان مفهوم الضرر وشروطه وعناصر، وماهو الضرر الواجب للتعويض. إذا كان الخطأ والضرر هما الركنين الأساسيين لقيام المسؤولية الطبية أو المدنية بصفة عامة فإن ما يربطهما برباط السبب مع النتيجة ركن ثالث لقيام الركنين الأولين ذلك أن قيام الخطأ والضرر دون وجود علاقة السبب بالنتيجة بينهما لا يكفيان لوحدهما لاسنادهما إلى مصدرهما، فالرابطة السببية هي الركن الأساسي في قيام المسؤولية، وهي قاعدة عامة منصوص عليها في القانون المدني. يتعين على الشخص في المجتمعات الحديثة أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقه دون أن ينصب من نفسه قاضيا فيما ينشأ بينه وبين الغير من منازعات، ومن ثم لا يكفي لكي يلتزم الأطباء أو القائم بالعمل الطبي بتعويض المضرور أي المريض عما أصابه من أضرار جراء عدم الالتزام بالعناية، بل لابد أن يلجأ المضرور إلى القضاء طالبا الحكم له بتعويض الضرر الناشئ وعلى ذلك فإن سبيل حصول المضرور على حقه في التعويض هو اللجوء إلى القضاء المختص ووسيلته في ذلك هو الدعوى القضائية. ولدعوى المسؤولية – كما هو الحال لكل دعوى – طرفان ومحل وسبب، ومنه لنا أن نتساءل عن أطراف الدعوى والمحكمة المختصة في الدعوى التي يرفعها المضرور على الأطباء والقائم بالعمل الطبي. إذا سلم المسؤول للمضرور بمسؤوليته عن الفعل الضار أبدى استعداده لتعويض الضرر لما يرضي المضرور، واتفق الطرفان على طريقة التعويض وعلى تقديره انتهى الأمر ولم يعد ثمة محل للمطالبة القضائية بالتعويض. لكي يقضي للمضرور أي المريض عن الفعل الضار الذي أتاه الطبيب أو القائم بالعمل الطبي يجب اللجوء إلى القضاء لمطالبة المسؤول عما أصابه من ضرر، ولن يتأتى له ذلك إلا برفع دعواه أمام المحكمة المختصة بنظر دعوى التعويض عن المسؤولية عن عمل الغير مشروع وذلك وفق قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري وقانون المرافعات المصري والقوانين الإجرائية بصفة عامة. إن مسألتي الإثبات والتقادم تكسبان أهمية بالغة في كل دعوى قضائية، ذلك أن الإثبات سر نجاح الدعوى أو فشلها، والقاعدة العامة في الإثبات المنصوص عليها في القانون المدني في مادته 323 التي تقضي بأنه على الدائن إثبات الإلتزام وعلى المدنين إثبات التخلص منه. ومما لا شك فيه أن لمضي المدة أثر على الحقوق التي يقررها القانون سواء العام أو الخاص، وعليه يمكننا أن نتكلم عن الإثبات والتقادم. يرى المشرع أن مضي مدة معينة يقف خلالها صاحب الحق موقفا سلبيا يعتبر نوعا من التراخي في استعمال الحق، وبذلك ليس له الالتجاء إلى القضاء بعد مضي المدة المقررة ضمانا للثبات القانوني تاذي يعتبر من أسس الأنظمة القانونية في المجتمع، لأن هذا الثبات والاستقرار ينعكس بدوره على الجهاز القضائي في الدولة، فالقضاء لا يستطيع أن يؤدي وظيفته إذا ظلت الدعوى قائمة إلى ما لا نهاية، ومن ثم كان لابد من إيجاد وسيلة يضع بموجبها المشرع حدا للدعاوى التي مضى عليها أمد من الزمن، وهو ما يعبر عنه بفكرة التقادم، وعليه سنبين مدة التقادم في كل من القوانين المقارنة، لنتطرق إلى أثر تقادم الدعوى الجزائية على الدعوى المدنية. إن الدراسة للالتزام بضمان السلامة أو حث بوجوب تدخل عدة أطراف في العملية العلاجية أو الاستشفائية، فلا يمكن أن يتحقق العلاج لدى المريض إلا بتظافر أطراف عدة وكلها ملزمة بتحقيق الالتزام بضمان السلامة في حدود اختصاصها وتدخلها. ومرد هذا الطرح إلى التطور العلمي الكبير الحاصل في المجال الطبي، فمن غير الممكن في الوقت الحالي أن ينفرد الطبيب لوحده في علاج المريض أو حتى في التشخيص السليم للمرض، فنجد المخبري مثلا أو طبيب الأشعة وحتى الممرض والظروف النموذجية في المؤسسة الاستشفائية وأثناء عملية نقل مريض من مؤسسة استشفائية لأخرى كلها أطراف تتدخل في عملية علاج المريض وتحقيق الالتزام بضمان السلامة له وأن إخلال أي طرف بهذا الالتزام قد يؤدي إلى تقصير في العلاج وعدم تحقق النتيجة منه. وعليه يمكن القول أن الالتزام بضمان السلامة صعب التحقيق خاصة في بلادنا، حتى وإن أدى الطبيب المشرف على العملية العلاجية دوره كاملا كونه ليس الوحيد المتدخل في العملية العلاجية بل هناك أطراف أخرى لها دور بالغ في علاج المريض، وأن الأساس في هاته العملية هو وعي كل متدخل في العملية العلاجية بأهمية دوره فيها وأن أي خطأ منه يؤدي إلى انحراف المسار الصحيح لشفاء المريض الكامل، ويبقى الوعي بالمهمة الإنسانية التي يقوم بها كل متدخل في العملية العلاجية هو الضامن الأكبر لتحقيق الالتزام بضمان السلامة.
URI/URL: http://hdl.handle.net/123456789/547
Collection(s) :Droit

Fichier(s) constituant ce document :

Fichier Description TailleFormat
resume.pdf75,16 kBAdobe PDFVoir/Ouvrir
View Statistics

Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.

 

Ce site utilise la plate-forme Dspace version 3.2-Copyright ©2014.