الركن المعنوي في جريمة المحاباة - دراسة مقارنة

Abstract

يتنازع طبيعة الركن المعنوي في جريمة المحاباة اتجاهان . اختلفا في تأصيل الركن المعنوي و تحليله . الاتجاه الأول ، و هو اتجاه قوي ، يرى أن جريمة المحاباة من الجرائم المادية المجردة من الخطأ . و يقتصر على أن يفترض توافر العلم بمخالفة أحكام الصفقات العمومية . و وجوده عند الموظف العمومي يدل عليه بوجه خاص الصفة في الفاعل ، و جسامة الإخلال بالأحكام التشريعية أو التنظيمية التي تدير هذا الإجراء . و تطبق أيضا قواعد الجريمة المادية فيما يتعلق بحسن النية لنفي المسئولية الجنائية كالغلط أو الجهل في القانون أو في الواقع ، فلا يجوز للجاني أن يثيرها من أجل أن يتخلص من المسئولية الجنائية . و تطبق أيضا قواعد إثبات الجريمة المادية ، فيثبت ارتكاب جريمة المحاباة بتوافر الركن المادي و صفة الموظف العمومي في الجاني ، و يفترض توافر العلم بمخالفة أحكام الصفقات العمومية و لا محل للبحث في توافر العلم أو نية منح امتياز غير مبرر للغير . و على النقيض من فكرة الجريمة المادية تعد جريمة المحاباة ، في نظر الاتجاه الآخر ، جريمة ذات خطأ ، و هذا الخطأ أقرب إلى القصد الجنائي منه إلى الخطأ غير العمدي مع اختلاف في التفاصيل . فعندهم أن القصد الجنائي يقوم على علم و إرادة . فيلزم أن يحيط العلم بالنصوص التشريعية أو التنظيمية التي من شأنها ضمان حرية الوصول إلى الطلب العمومي و المساواة بين المترشحين و شفافية الإجراءات و هو علم واجب الإثبات و غير مفترض . و اختلف أنصار هذا الاتجاه حول المقصود من الإرادة في جريمة المحاباة . كذلك يرى فريق منهم أن إرادة منح امتياز غير مبرر للغير هو عبارة عن قصد خاص في حين يرى فريق آخر أنها مجرد قصد عام . كذلك اختلفوا حول مركز قصد الضرر و قصد إقصاء الغير من المنافسة على العقود الإدارية