DSpace
 

Dspace de universite Djillali Liabes de SBA >
Mémoire de Magister >
Droit >

Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://hdl.handle.net/123456789/513

Titre: المسؤولية عن فعل الغير في القانون الطبي
Auteur(s): BENAICHA, Baghdad , KADA BEN Ben ali
Date de publication: 19-déc-2013
Résumé: مع التطور الكبير و الانجازات الهائلة في عالم الطب و تشعب اختصاصاته و دقة الاختصاصات العلمية، فيه استوجب التنظيم الدقيق لهذا العالم الشاسع من العلم و مراقبة أي تجاوز أو خطأ جسيم قد يؤدي إلى أضرار جسيمة اقل ما فيها يتعلق بحياة الإنسان وإن المستحيل في الطب افتراض عدم وقوع الأخطاء الطبية مستقبلا إلا انه من الممكن تجنبها قدر الإمكان و لكن حين يقترب الإنسان من أخيه الإنسان ليس فقط لشفائه من أمراضه و تخفيف وطأتها عليه بل أيضا لمشاركته فيها بما تحمله من قلق و عذاب و بما تمنحه من فضائل الصبر و المحبة و الرجاء التي تتجسد بها مهنة الطب القائمة على الخبرة والاختصاص و الأخلاق العالية و الاندفاع في خدمة الآخرين بأبهى الصور وأحلاها والتي تحميها القواعد القانونية بقوتها الرادعة لمنع أي تقصير أو إهمال في القيام بواجبات المهنة و بالتالي لا يجوز لأي إنسان أن يستفيد من تفوقه على المريض لتحصن بمناعة قانونية أو رفض أية محاسبة عن الأخطاء و المخالفات التي قد يرتكبها. و لهذا لابد من الرجوع إلى التاريخ في هذا الموضوع لتحديد العلاقة ما بين الطبيب و المريض و ميدان المسؤولية المدنية العقدية إلى المسؤولية المدنية و الجزائية بعيدا عن دائرة حسن النية أو سوء النية توصلا إلى الحلول. إذ أن العمل الطبي هو نشاط يتفق مع القواعد المقررة في علم الطب و يتجه في ذاته أي وفق المجرى العادي للأمور إلى شفاء المريض. والأصل في العمل الطبي أن يكون علاجيا أي يستهدف التخليص من مرض أو تخفيف حدته أو مجرد تخفيف آلامه، و لكن يعد كذلك من قبيل الأعمال الطبية ما يستهدف الكشف عن أسباب سوء الصحة أو مجرد الوقاية من مرض و أن الطبيب الذي يعالج المريض و المصاب لا يلتزم بتأمين الشفاء له كاملا و مهما يجريه من فحص أو عملية إنما يأخذ على عاتقه بذل العناية الواجبة مراعيا في عمله القواعد الطبية الحديثة المستقرة في مجال اختصاصه فلا يخرج عما ينبغي أن يلتزمه أوسط الأطباء كفاءة و خبرة في المجال ذاته إن وجد في مثل وضعه الطبيب خاضع من حيث المسؤولية للقواعد العامة، فلا يسأل عن كل خطأ ثابت في حقه على وجه التحقيق سواء أكان الخطأ عاديا أم فنيا و سواء يسيرا أو جسيما وبالنسبة إلى الأطباء الأخصائيين يجب استعمال منتهى الدقة معهم و جعلهم مسؤولين عن أي خطأ و لو يسيرا خصوصا إذا ساءت حالة المريض بسبب معالجتهم لأن واجبهم الدقة في التشخيص والاعتناء و عدم الإهمال في المعالجة. و بالرغم من أن الدول المتقدمة تقدم أفضل عناية صحية في العالم، إلا أن مستوى الأخطاء الطبية فيها مرتفع بصورة غير مقبولة بتاتا و هذا ما أكدته منظمة الصحة العالميةoms) (وقبل التطرق إلى مسؤولية الطبيب بشقيها المدني و الجزائي نود الإشارة إلى بعض ما جاء بهذا المجال في تاريخ الحضارات القديمة. ففي الحضارة الفرعونية كانت عقوبة الطبيب إذا أخطأ قد تصل حد الإعدام. وكما هو الحال عند البابليين و عند الإغريق: كان الطبيب عندهم لا يسأل جزائيا اذا توفي المريض رغما عنه و لكنه كان يسأل جزائيا إذا كانت الوفاة بسبب تقصير الطبيب أو جهله و من أشهر أطبائهم أبقراط صاحب القسم المشهور. عند الرومان: أشهر أطبائهم جالينوس و قد نظموا مهنة الطب و فصلوها عن السحر و الشعوذة. وكان عقاب الطبيب الذي يخطأ عن سوء نية و تعمد إلى درجة الإعدام. حيث يقتص منه ذاتيا ويحق لأهل المريض مطالبة الطبيب المخطئ بثروته كما كانت هذه النصوص تطبق على الطبيبات والقابلات في العصور الوسطى كان الطب محصورا بالملوك و النبلاء. أما بقية فئات الشعب فقد خضعت للشعوذة و السحر. و قد فرض مجمع لاتران عام 1215 على الطبيب أن يخطر المريض بضرورة الاعتراف أمام الكاهن و إلا تعرض للعقاب واستمر ذلك حتى العام 1712 و قد عارضت الكنيسة العمل الجراحي وفصلته عن الطب و تركت أمر معالجته للحلاقين و عند العرب أول من أنشأ المستشفيات أطباء مشهورين منهم أبن سينا و ابن النفيس و الرازي و على كل حال كان الطبيب لا يسأل عند العرب إلا إذا كان الخطأ المرتكب مما لا يقع به طبيب وهو ما ينتج عن الجهل أو الخطأ الفاحش و المسؤولية القانونية نوعان: مدنية و جزائية. المسؤولية المدنية وهي كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض و هذه المسؤولية ناتجة عن المسؤولية التقصيرية ويمكن تعريفها كالتالي: هي المسؤولية التي تنشأ نتيجة خطأ ارتكبه شخص فسبب ضررا للغير لا تربطه به رابطة عقدية ،أركان هذه المسؤولية التقصيرية هي: الخطأ – الضرر – العلاقة السببية و مسؤولية الطبيب التي يسأل عليها هي ناتجة عن الأخطاء المتعلقة بممارسة مهنته مثال :أخطاء التشخيص ولاعتباره مخطئا يجب أن يكون فعله المنسوب إليه مما لا يصدر عن طبيب وضع في نفس مستواه من التشخيص و الخبرة. كذلك يعتبر امتناع الطبيب عن القيام بالمعالجة في الوقت المناسب خطأ طبيا ما لم يكن هذا الامتناع غير ذي تأثير على حالة المريض التي توجب مسؤولية الطبيب الأخصائي من الناحية العلمية والفنية .يقسم الأطباء إلى ثلاثة فئات و هم الطبيب العادي الطبيب الأخصائي – حملة الشهادات العليا –و على هذا الأساس يكون الطبيب الأخصائي أكثر عرضة للمسؤولية من سواه لإفتراض معرفته العلمية، و لقد نظم قانون مزاولة المهن الطبية أحكام ممارسة مهنة الطب لجهة وجوب حرص و إهتمام الطبيب على مصلحة المريض ابتداء من فحص المريض و تشخيص المرض و إعطاء العلاج. وحتى كتابة الوصفة و كتابة اسم المريض و عمره و طريقة استعمال الدواء و عدم إجراء العمل الجراحي بدون إذن خطي إلا في حالات الضرورة و عليه فان المسؤولية المدنية تستوجب التعويض المادي عن الضرر أو الأذى اللاحق بالمريض و يترك أمر تقدير ذلك للقضاء الذي يراعي كل حالة بحسب مسؤولية الطبيب و مقدار الأذى و نسبة العجز و غيرها من أمور، شريطة أن يكون لنقابة الأطباء الموافقة المبدئية لإحالة الطبيب على القضاء لإجراء التحقيق إذا رأت أن الطبيب مقصرا بأداء مهنته. هناك حالات استثنائية يعاقب الطبيب في حالة ارتكابه الخطأ المهني الجسيم هذا الخطأ الذي لا يقع فيه الإنسان العادي كما في حالة جهله التام أو عدم مراعاته للقواعد العادية الواجب مراعاتها ،مثل تعقيم الأدوات الطبية المستعملة أو يقوم بعمل جراحي و هو سكران أو امتناعه عن الاستمرار بمعالجة المريض و تسبب في موت أحدهم عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين و الأنظمة والتعليمات أو بسبب إيذاء آخر غير مقصود .و هنا يعطي المجني عليه أو من يمثله قانونا أو من الورثة إذا كانت هناك وفاة حق إقامة الشكوى على الطبيب، و كما هو الحال إذا أفشى أسرار المريض في حين عاقب القانون على جريمة القتل بدافع الإشفاق واعتبر ذلك جرم قتل كما هو حال ما يسمى بالقتل الرحيم و الإجهاض وبأية وسيلة كانت لإجهاض امرأة أو محاولة إجهاضها منه حتى و لو كان برضاه و إذا أفضى الإجهاض أو الوسائل التي استعملت في سبيله إلى الموت عوقب الفاعل كما لا يجوز استخدام جثة إنسان و تشريحها لهدف علمي دون موافقة من له الحق بذلك و تختلف المسؤولية القانونية (الجزائية ) عن المسؤولية المدنية لجهة الأركان اللازم توافرها للمساءلة فالمسؤولية الجزائية يجب توافر عناصر ثلاثة: الإدراك – التمييز – حرية الإرادة – الخطأ – و يعتبر الخطأ أهمها وهو الإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة القوانين و الأنظمة كما هناك بعض الجرائم التي يمكن وقوعها في مجال ممارسة مهنة الطب. أو ناتجة عنها جرائم النصب و الاحتيال الطبي كالتهويل بأمراض غير موجودة بقصد الابتزاز ،جرائم العرض حيث يستغل الطبيب مهنته و ظروف مريضته فيأتي معها أفعالا مخالفة للأخلاق و الشرف و إساءة معاملة المصابين بأمراض عقلية و نفسية و جريمة نسب المواليد لغير ذويهم و جريمة إبدال الجنس و سرقة الأطفال وانتهاك حرمة الموتى وجرم إعطاء خبرات غير صحيحة وغيرها كثير. تقع الأخطاء الطبية باستمرار في المستشفيات الخاصة والعامة دون أن تجد من يوقفها يرتكبها أطباء وهم أصحاب الرسالة لكنهم بشر يرتكبون الأخطاء إلا أن هذه الأخطاء كلفت الناس حياتهم وهناك بعض الأخطاء لا يمكن قبولها ويجب أن لا تقع من الطبيب والطاقم الذي يعمل معه وعلى سبيل المثال إدخال أنبوب الأكسجين لغرض التنفس أثناء العملية إلى المرء بدلا من القصبات الهوائية ،ولكي نتعرف على مفهوم الخطأ الطبي حتى تكون الصورة واضحة لذا يعرف الخطأ الطبي بأنه انحراف الطبيب عن سلوك الطبي العادي والمألوف وما يقتضيه من يقظة وتبصر إلى درجة تحمل الاهتمام بمريضه وإخلال الطبيب بالواجبات الخاصة التي تفرضها عليه مهنته وهو ما يسمى بالالتزام التعاقدي ويتبين أن الخطأ الطبي يقوم على توافر مجموعة من العناصر تتمثل بعدم مراعاة الأصول والقواعد العلمية المتعارف عليها في علم الطب والإخلال بواجبات الحيطة والحذر وإغفال بذل العناية التي كان باستطاعة الطبيب فعلها إلى جانب مدى توافر رابطة أو علاقة نفسية بين إرادة الطبيب والنتيجة خاطئة وكثيرا ما يدخل المريض أو أهله في المساعدة على تكوين الخطأ خاصة الخطأ الجسيم دون أن يكون للطبيب أي دخل أو علم إما بسبب العاطفة أو لجهل أو إرباك الطبيب خلافا لعمله وعادة تكون هذه أعمال بدافع غريزي ،أما تقسيمات الخطأ الطبي فيجمع معظم الفقهاء القانونيين على وجود قسمين من أخطاء الأطباء بين الفقه والقانون الخطأ الفني :وهو الخطأ الذي يصدر عن الطبيب ويتعلق بأعمال مهنته ويتوجب لإثبات مسؤوليته عنه أن يكون الخطأ جسيما ومن الأمثلة عليه: عدم الالتزام بالتحاليل الطبية والخطأ في نقل الدم وإصابة المريض لسوء استخدام الآلات والأجهزة الطبية ،وإحداث عاهة فضلا عن التسبب في تلف عضو أو تفاقم علة الخطأ العادي- ومرده إلى الإخلال بواجبات الحيطة والحذر العامة التي ينبغي أن يلتزم بها الناس كافة ومنهم الطبيب في نطاق مهنته باعتباره يلتزم بهذه الواجبات العامة قبل أن يلتزم بالقواعد العلمية أو الفنية لمهنته. ومثاله أن يجري الطبيب عملية جراحية وهو في حالة لا يسمح له وضعه الصحي وهذا ما يحدث إلا نادرا.أما الإهمال الذاتي: فيقصد به التفريط والتقصير وعدم الانتباه ومن صور الإهمال أن يكلف شخص بالعناية بمريض أو طفل صغير فيهمل العناية به حتى يموت أو ينسى الطبيب قطعة شاش أو آلة داخل جسم المريض وكذلك قلة الاحتراز وعدم التقدير على نحو سليم للآثار الضارة لفعله فضلا عن عدم مراعاة القوانين والأنظمة مع إدراكنا المسبق لا يوجد بين أطبائنا من يسمح لنفسه بإيذاء أحد المرضى، ولكننا نتعامل مع سياق الواقع العملي لهذه المهنة المقدسة وبكل المعاني الإنسانية وبغض النظر عمن يقع في دائرة الأخطاء الجسيمة، لان الواقع العملي واليومي يطلعنا بمثل هذه الحالات لا على سبيل الحصر في مكان معين نقصد به بل أين ما وجد .سواء في الجزائر أو غيرها من الدول وأن إحدى أهم المشاكل التي تظهر في دعاوى مسائلة الأطباء مدنيا عن أخطائهم المهنية هي مسألة الإثبات فالمريض يجب عليه أن يثبت وقوع الخطأ وان يثبت وقوع الضرر ثم يثبت علاقة الخطأ بالضرر وان هذا الخطأ هو الذي أوقع ذلك الضرر وان هذا الضرر ما كان ليقع لولا وقوع ذلك الخطأ. ويظهر ثقل هذا العبء بشكل جلي ومعقد في ظل الصعوبة البالغة التي تنجم عن إفادات الخبراء الذين تدعوهم المحكمة وهم من الأطباء في تحميل زملائهم في المهنة أي نوع من أنواع المسؤولية لدى إدلائهم بتصريحاتهم، مع الملاحظة أن تشريعات بعض الدول ذهبت إلى ابتكار حلول جديدة لمواجهة هذه الإشكالية بحيث افترضت قيام مسؤولية الأطباء دون حاجة إلى تحميل المريض عبء الإثبات فيما جعلت عبء إثبات العكس يقع على الأطباء ومن هذه الدول السويد ونيوزيلندا. ويلعب النظام العشائري في تسوية قضايا الأخطاء الطبية دورا إنساني ينسجم وحجم مسؤولية الطبيب بقصد المسامحة بالجانب الجزائي من المسؤولية وهذا يجب أن لا يؤثر على الحق المدني للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمتضرر. وعلى المؤسسات التشريعية أن تبادر لوضع قانون يلزم المؤسسات الصحية الخاصة والعامة بالتأمين ضد المسؤولية عن الأخطاء الطبية إلى جانب تطوير الوعي لدى المواطنين بأهمية ملاحقة و متابعة قضايا الخطأ الطبي بالطرق القانونية السليمة والابتعاد عن الطرق البدائية البالية و التي تسيء للعمل الإنساني و الخبرة العلمية وبدوافع الابتزاز وكثيرا ما يقع المتضرر تحت طائلة العقاب عندما يتجاوز حدوده القانونية لكون القانون له الشأن على الجميع و دون استثناء. لذا يجب أن تكون لجان طب شرعية من أطباء وفقهاء و قانونيين تكون مهمتهم إبداء الرأي الفني والعلمي و المهني و القانوني في كل مسألة طبية طارئة و تحديد نوع الخطأ الطبي و مدى مسؤولية الطبيب و ضمن اختصاص نقابة الأطباء و هذا لا يعني إبعاد القضاء ففي كل الأحوال القضاء صاحب الكلمة الأولى و بموجب قانون خاص يحدد الأخطاء الطبية يكون فيصلا في مثل تلك القضايا التي تتشابك فيها المصطلحات و المفاهيم بين الخطأ الطبي و المضاعفات الطبية ومداخلات المريض و أهله و الحالات العائدة إلى القضاء و القدر. لأن الطبيب هو الميزان والموازنة و المعيار الذي يدعم النظام الصحي ويهدف لبناء مجتمع خالي من الأمراض وبموجب رسالته التي يمليها ،الأمر الذي يستوجب توفير مستلزمات أداء مهنته، و لغرض تكيف مسؤولية الطبيب فقد أجمع الفقه و القضاء على أن المسؤولية المدنية للطبيب عن الخطأ والتقصير الصادر من قبلة أثناء معالجته للمرضى و هذا الأمر لم يكن مثيرا للجدل و النقاش، إلا أن الجدل ثار حول تكييف هذه المسؤولية فيما إذا كانت مسؤولية عقدية أم مسؤولية تقصيرية؟. و لتكيف مسؤولية الطبيب المدنية لابد من وضع هذه كالمسؤولية الأدبية و الجنائية والمدنية. وعلى هذا فالإشكال الذي يمكن طرحه كيف يمكن تحديد النظام القانوني لهذا النوع من المسؤولية؟. وفيما تتجلى أحكامها؟.وعلى هذا تم تقسيم هذا البحث إلى فصلين: تضمن الفصل الأول: النظام القانوني للمسؤولية الطبية. وتضمن الفصل الثاني: الطبيعة القانونية للمسؤولية الطبية عن فعل الغير. وقد تم الاعتماد على المنهج التاريخي في جوانب معينة والمنهج الوضعي في جوانب أخرى ويمكن توضيح ذلك كالآتي: النظام القانوني للمسؤولية الطبية. لدراسة النظام القانوني يتطلب منا تناول الأحكام العامة لتلك المسؤولية قبل أن ننتقل إلى تحديد طبيعتها القانونية، سوف نتناول في هذا الفصل دراسة الأركان العامة للمسؤولية (كمبحث أول) وتطبيقات الخطأ الطبي في ممارسة الأعمال الطبية (المبحث ثاني). الأركان العامة للمسؤولية الطبية. يتضمن هذا المبحث دراسة الأركان العامة للمسؤولية الطبية المدنية من خلال استعراض أركانها: الخطأ الطبي (المطلب الأول) – الضرر (المطلب الثاني) – العلاقة السببية (المطلب الثالث). هذا بالإضافة إلى الجزء المتمثل في الحكم بالتعويض مع الإشارة إلى عبء إثبات تلك الأركان وسلطة القاضي في تقديرها (كمطلب رابع). الطبيعة القانونية للمسؤولية الطبية عن فعل الغير. تثور المسؤولية الطبية عندما يتخلف أبناء المهنة عن بذل العناية التي تتطلبها مهنتهم والتي ينتظرها منهم المرضى، و قد كانت تلك المسؤولية محلا للعديد من التطبيقات القضائية وبالتالي الكثير من التساؤلات حول تحديد طبيعتها أهي عقدية أم تقصيرية. الإطار العقدي للمسؤولية الطبية عن فعل الغير يتضمن هذا المبحث الايطار العقدي للمسؤولية الطبية من خلال تمديد الإطار العقدي واختلافها عن المسؤولية الطبية . : تحديد نطاق المسؤولية العقدية. يمكن القول أنه حتى تقوم المسؤولية العقدية لابد من قيام عقد بين الطبيب وعميله المريض، وأن يكون هذا العقد صحيحا بينهما وأن يكون المتضرر من العمل الطبي هو العميل أو المريض ذاته وأن ينشأ ضرر من جراء عدم تنفيذ بنود العقد. هي آخر ما يمكن قوله هو أن الطبيب قد يسأل في جميع القطاعات عن أخطائه الطبية على أساس المسؤولية العقدية كأصل. وأن تحصر مسائلته على أساس المسؤولية التقصيرية في حالات اقترانها بخطأ جرمي أو ثبوت أو ارتكاب الخطأ من الطبيب بشكل متعمد، ويبرر ذلك في عدم ضرورة التمييز في مسائلة الأطباء لأنهم يؤدون خدمة إنسانية نبيلة في جميع القطاعات ولديهم نفس المؤهلات، كما أن النيل من سمعة الطبيب المهنية نعتبرها عقوبة في حد ذاتها. ونعتبر أن جنوح القضاء الفرنسي في إقامة مسؤولية الطبيب على أساس الخطأ المضمر (المقدر) تحولا خطيرا ذو آثار سلبية في تهميش القواعد القانونية إلى هذا الحد، والواقع العلمي لاستمرار الإقبال في مزاولة هذه المهنة. بقي أن نشير أيضا إلى أن القانون يتفق مع الفقه الإسلامي في أن خطأ الغير أو تعديه يقطع العلاقة السببية بين فعل الطبيب والضرر الذي أصاب المريض، في حين يفترق الفقه الإسلامي ويختلف عن القانون الوضعي في أن هذا الغير يقطع هذه الرابطة حتى ولو كان من الخاضعين لرقابة الطبيب المدعى عليه، ومن التابعين له أي الفريق الطبي. والسبب في ذلك أن مسؤولية المتبوع أو المكلف بالرقابة في القانون الوضعي مسؤولية مفترضة، في حين أنها مسؤولية شخصية في الفقه الإسلامي. كما أن فقهاء الشريعة يشترطون معرفة الغير وتحديده حتى يكون تعديه أو خطئه سببا لدفع المسؤولية عن المدعى عليه. لأن المسؤولية الطبية قد شهدت في السنوات الأخيرة تطورات سريعة وكثيرة، كان لها أثر بالغ الأهمية في تقرير مسؤولية الأطباء سواء المدنية أو الجزائية. وبعد عرضنا لعناصر المسؤولية الطبية عن فعل الغير يستحسن بنا استخلاص أهم النتائج كالتالي: 1- إن ما استقر عليه القضاء الجزائري والقضاء الفرنسي والمصري بشأن المسؤولية الطبية عن خطأهم في علاج مرضاهم بأنها مسؤولية العقدية. 2- يكون الطبيب مسئولا عن خطئه أمام المريض إذا لم يأخذ بأسباب العناية التي يأخذ بها الطبيب العادي في مثل مستواه. 3- يتولى المريض إثبات الخطأ في المسؤولية من جانب الطبيب لأن التزامه هو التزام بوسيلة لا التزام بتحقيق نتيجة. 4- يسأل الطبيب عن كل خطأ يصدر منه بلا تفرقة بين خطأ فني وخطأ عادي ولا بين خطأ جسيم أو يسير كما يسأل عن الفريق الطبي الذي يعمل تحت إمرته. 5- يسأل الطبيب المشرف على تلميذ الطبيب وعن كل خطأ يصدر منه لأنه لم يتقن بعد أبجديات المهنة في إطار المسؤولية الطبية عن الغير. 6- يراعي الطبيب في نشاطه المهني قواعد الطب والجراحة المستقرة في الزمن الذي يمارس فيه عمله وان يتبع التقدم العلمي وان يوفر لمريضه فرصا أكبر للشفاء. 7- التثبيت من الخطأ في المعالجة أو العملية أو التشخيص يستلزم من القاضي أن يقس عمل الطبيب المشكو منه ومن فعل غيره الذي يعمل تحت إمرته سلوك الطبيب النموذجي يعتمده معيارا للتقدير ويحبذ الاعتماد على تقرير فريق من الأطباء تجنبا للخطأ. 8- لا فرق بين أن يتمسك المتضرر بالمسؤولية العقدية أو تقصيرية في مواجهة الطبيب طالما انه يظل عليه في كليهما أن يثبت الخطأ متحليا بشكل إهمال أو عدم تبصر وهذا الخطأ يأتي تكوينه إخلالا بموجب بذل العناية فيتخذ له الوصف ذاته في إطار المسؤولية الطبية عن فعل الغير. 9- ومن مصلحة الإنسان أن يترك باب الاجتهاد مفتوحا أمام الطبيب حتى يتمكن من القيام بمهمته العالية من حيث خدمة المريض .وتخفيف آلامه وهو آمن له مطمئن ،لا يسأل إذا ثبت ثبوتا ظاهرا بصفة قاطعة لا احتمالية انه ارتكب عيبا لا يأتيه من له إلمام في الفن الطبي إلا عن رعونته وعدم تبصره. وقد أحسن المشرع الجزائري صنعا حينما تضمن بشكل صريح العديد من المسائل من خلال وضعه لمرسوم تنفيذي بتاريخ 06/07/1992 تضمن فيه أخلاقيات الطب وهذا تطبيقا للمادة 267-6 من القانون 90/13 حيث عرفنا بأنها مجموعة من المبادئ والقواعد والأعراف التي يتعين على كل طبيب أو جراح أن يراعيها وان يستلمها في ممارسة المهنة وأي مخالفة لأحكام وقواعد هذه المدونة يخضع مخالفها لاختصاص الجهات التأديبية التابعة لمجالس أخلاقية الطب. كما ينبغي التنبيه وتسليط الضوء أيضا على الأخطاء المنتسبة إلى طبيب التخدير وطبيب الأشعة،فأعمال التخدير والإنعاش تدخل ضمن أعمال العلاج التقليدي ، إلا أن الجديد فيها أنها أضحت توكل إلى أطباء متخصصين ، وهو الأمر الذي يفترض إتقانهم لأعمال التخدير بشكل لا يقبل المجازفة . تطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض الفرنسية في أحد أحكامها بأن الطبيب المخدر يلتزم بمتابعة المريض حتى استفاقته من العملية ويتأكد هذا الالتزام بصفة خاصة عندما يخشى احتمال وقوع خطر يصعب على غير المتخصص تداركه. وتؤكد أحكام القضاء على أن طبيب التخدير الذي يتبع الأصول الفنية ويتخذ جميع الاحتياطات اللازمة التي يفرضها العلم لا يسأل عن الأضرار الناجمة عن التخدير ما دام أن إعطاء المخدر قد تم في الظروف العادية. ونظراً لأهمية التخدير ومخاطره فإن المنشور الفرنسي الصادر في 30/إبريل/1974 يلزم بإنشاء بطاقة تسمى -بطاقة التخدير- يدون فيها بكل دقة وقبل إجراء عملية التخدير وأثناء سريانها الأدوية المستعملة والأفعال المنفذة وسلوك المريض حتى استرداد وعيه وبذلك اقترح على المشرع الجزائري أن يحذو حذو المشرع الفرنسي في ذلك تيسيرا لعمل القاضي والمتقاضي فيما يتعلق باثبات عنصر الخطأ،أما أخطاء الأشعة فمن الواضح أن استعمال الأشعة في التشخيص والعلاج أصبح يؤدي دوراً كبيراً وخطيراً في الأعمال الطبية، وهو الأمر الذي يوجب الحرص واليقظة في استعمال الأشعة وقراءة نتائجها . ويسأل طبيب الأشعة عن الإهمال في قراءة الصورة أو عدم الاحتياط مهما كان نوعه تطبيقاً لذلك قضى في فرنسا بمسؤولية طبيب التخدير الذي تثبت بأنه عرض المريض لجرعة زائدة من الإشعاع ، كانت السبب المباشر في الإضرار والمضاعفات التي تعرض لها. خلاصة القول أن طبيب الأشعة يكون مسؤولاً عن الأضرار اللاحقة بالمريض بسبب الإهمال وعدم إتخاذ الاحتياطات اللازمة أو بسبب خلل في الجهاز أو بسبب طول مدة العلاج والفحص بالأشعة أو بسبب عدم استعماله للطرق العلمية المعتمدة أو بسبب حالة أجهزة الأشعة المستعملة ويدخل هذا الفعل ضمن إطار مسؤولية حارس الشيء. ويبقى بعد هذا أن دعاوى المسؤولية الطبية رغم ازديادها المستمر في العصر الحاضر ،لا تكاد تعد شيئا يذكر إذا ما قورنت بهذا النشاط الهائل الذي نشهده كل يوم في مجال العمل الطبي كما أن هذه الدعاوى لا يمكن أن تقعد الأطباء عن أداء واجب النبيل بحماس واندفاع فالطبيب الجيد كما يقول العميد "سافاتيه": "لا يفكر كثيرا في المسؤولية القانونية ومهنتهم ضرورية إذ يسمح له باستعمال اسمه في ترويج الأدوية آو العقاقير أو مختلف أنواع العلاج ويراعي الدقة والأمانة في جميع تصرفاته ويحافظ كرامة المهنة". ومن واجبات الطبيب نحو المريض نستخلص ما يلي: أن يقبل الطبيب عند الضرورة استشارة طبيب غيره يوافق على المريض أو أهله عند حدوث أخطاء مهنية أو أخطاء طبية عن فعل الغير فان الطبيب المسؤول يبلغ النيابة المختصة باعتباره مسؤول عن فعل الغير ومبلغا عن الوفاة مع طلب إبداء رأي طبيب شرعي في الحالة وفي حالة الإخلال كل طبيب بنظام مهنته فانه يتعرض لعقوبات تأديبية منها التنبيه – الإنذار – اللوم-الغرامة المالية- الوقف لمدة لا تتجاوز سنة أو إسقاط عضويتة من النقابة.ولأجل تفادي كل هذه العقوبات يجب عليه أن يتفانى في عمله ويكون التعاون مع غيره والعمل من أجل الوصول إلى الحقيقة التي تنتهي إلى خدمة الإنسان . كما ننصح ونرشد بعدم جواز إنهاء حياة المريض بناء على طلبه أو طلب وليه حتى ولو كان السبب وجود تشوه شديد أو مرض مستعص من شفاءه أو عجز أو آلام شديدة مبرحة لا يمكن تسكينها بالوسائل المعتادة وعلى الطبيب أن يوصي المريض بالصبر ويوجهه إلى ذكر الله والاستعانة به، فللدعاء و الحث على الصبر تأثير نفسي على المريض وهذا التأثير ينعكس تلقائيا على صحته ذلك أنه عندما يكون رهن العلاج يشبه الطفل في نفسيته وضعفه فهو لا يريد علاجاً مادياً فحسب بل يريد أيضاً علاجاً يساعده في دفع الأوهام التي قد تصاحبه خلال مرضه.وعلى الطبيب التعامل مع المريض الذي يتعاطى إحدى مواد الإدمان بحرص وجدية وعليه أن يتبع أفضل السبل لعلاجه من الإدمان ، وأن يكون مخلصا في عمله قدر الإمكان ويقوم بواجبه تجاه مجتمعه وهو بهذا يعود بالفائدة. التحذير من إفشاء أسرار المرضى: يقول فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله السند عميد المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في حواره مع مدير تحرير موقع الملتقى الفقهي الأستاذ فضل الله ممتاز : لقد نهى الإسلام عن إفشاء الأسرار، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة"، والأمانة لا يجوز إضاعتها بإفشائها وإشاعتها، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} (الأنفال: 27)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة فلا يحل لأحد أن يفشي على صاحبه ما يكره". وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما اختصني عمر بن الخطاب قال أبي: (هذا الرجل قد اختصك دون من ترى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحفظ عني ثلاثاً: لا يجربن عليك كذباً، ولا تعب عنده أحداً، ولا تفشين له سراً)، وقال صلى الله عليه وسلم كما في الأدب المفرد للبخاري: "المستشار مؤتمن". فهذه الأحاديث وغيرها تحرم إفشاء الأسرار وتأمر بحفظها لما يترتب على إفشائها من الضرر والأذى لأصحاب الأسرار. وفي حفظ السر وصيانته وعدم إفشائه يقول أنس ابن مالك رضي الله عنه: "خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً حتى إذا رأيت أني قد فرغت من خدمته قلت يقيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجت من عنده فإذا غلمة يلعبون فقمت أنظر إلى لعبهم فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فانتبه إليهم فسلم عليهم ثم دعاني فبعثني في حاجة أتيته، وأبطأت على أمي فقالت: ما حبسك قلت: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة قالت ما هي؟ قلت إنه سر النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت احفظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم سرَّه، فما حدثت بتلك الحاجة أحداً من الخلق". حفظ السر الطبي - يقصد به السر الذي يتعلق بمرض شخص معين، والذي يطلع عليه من يعملون في الحقل الطبيي- أي غير الأطباء- من الأخلاقيات الأساسية في مهنة الطب، وهو أمانة، أوجبت الشريعة الإسلامية على كل من اطلع عليه أو وصل إليه أن يحفظه، ونهته عن الخيانة. كما ننصح أيضا بضرورة اللجوء المنظومة الطبية الجزائرية إلى أهمية استعمال وسائل العلاج عن بعد télémédecine- -وهي بحسب القانون الفرنسي في المادة 6316 -1من قانون الصحة والتي عرفتها بأنها :"شكل من أشكال مباشرة العمل الطبي عن بعد باستعمال الطرق التكنولوجية للإعلام والاتصال".وهذا لضمان عمل طبي في منتهى الدقة وتحسينا وتأهيلا لعمل الطبيب مع فريقه الطبي وكل ذلك يدخل في إطار البحث عن النوعية في تحقيق نتيجة العلاج وليس العلاج فقط-أي بذل عناية فقط-. و إذ كان دور القانون في المجتمع هو إقامة التوازن العادل بين مصالح الأفراد المختلفة والمتعارضة فان الحلول التي يأخذ بها القضاء في مجال الخطأ الطبي يحقق في تقديرنا إلى حد بعيد هذا التوازن بين مصلحة الطبيب من جهة والمريض من جهة ثانية. ولذالك نوصي ونقترح على رجال القانون بصفة عامة ، ورجال القضاء بصفة خاصة ، وهي البحث عن الكيفية المناسبة و الملائمة لتعامل مع الأخطاء التي قد يرتكبها الأطباء أثناء ممارستهم لنشاطهم الطبي ، وذلك لما الأحكام القضائية من اثر على مهنة الطب ، فالتعامل بالشدة الزائدة مع الأطباء سيؤدي -لا محالة - إلى المساس بمهنة الطب وبتطور العلوم الطبية من حيث الإحجام عن ممارسة هذه المهنة التي تعتبر - بحق - من أهم المهن التي لا يمكن لأي مجتمع أن يعيش و يتطور ويزدهر بدونها . ومن جهة أخرى ، فلا يجب أن يترك المريض تحت رحمة الطبيب يفعل به ما يشاء دون رقيب أو حسيب . فمن الواجب على رجال القانون العمل على إيجاد حل وسط لحل تلك الإشكالية. لا إفراط فيه على الاطباء ، و لا تفريط فيه بحقوق المرضى . و مساهمة منا في إيجاد الحل الأمثل لتلك المعضلة ، فإننا نقترح ما يلي : 1- أساسا نطالب بالتطبيق السليم للأحكام العامة للمسؤولية سواء كانت مدنية أم جنائية مع مراعاة الطبيعة الفنية للعمل الطبي ، 2- واحتياطا ، إبعاد المسؤولية الجنائية للأطباء بسبب الجرائم غير العمدية التي يرتكبونها و الاكتفاء بمساءلتهم عن الجرائم العمدية فقط ، 3- الاقتصار على مساءلة الأطباء بموجب أحكام و قواعد المسؤولية المدنية حماية للمرضى من الأخطاء غير العمدية التي يرتكبها الأطباء في حقهم ، لان الجزاء الذي يهم المريض هو التعويض عن الأضرار اللاحقة به و ليس زج الطبيب في السجن ، 4- لعل هذا الحل الوسط سيكون مقبول لدى الأطباء ، مادام أن لهم الحق في تأمين أنفسهم من الأخطار التي يمكن أن تقع أثناء ممارستهم للنشاط المهني لدى مؤسسات و شركات التأمين المختلفة .
URI/URL: http://hdl.handle.net/123456789/513
Collection(s) :Droit

Fichier(s) constituant ce document :

Fichier Description TailleFormat
resume.pdf97,52 kBAdobe PDFVoir/Ouvrir
View Statistics

Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.

 

Ce site utilise la plate-forme Dspace version 3.2-Copyright ©2014.