DSpace
 

Dspace de universite Djillali Liabes de SBA >
Mémoire de Magister >
Droit >

Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://hdl.handle.net/123456789/507

Titre: الرشوة الإيجابية و استغلال النفود - دراسة مقارنة
Auteur(s): BOUZIANE, Karim , BOUDALI Mohamed
Date de publication: 24-jui-2014
Résumé: نظرا لتطور الحياة الاجتماعية والمجال الاقتصادي وزيادة حركة رؤوس الأموال تجلت مظاهر الفساد المتمثل في النشاطات الممارسة من قبل الشخص الطبيعي أو المعنوي المسيء لاستغلال سلطته أو نفوذه لتكون مصدرا للثراء السريع البعيد عن الرقابة والمحاسبة و الذي عرف تطورا كبيرا على مختلف الأصعدة مما استدعى تدخل مختلف الدول لوضع تشريعات هدفها الوقاية من الفساد أصلا ومكافحته في حالة وقوعه ومن بين أهم الجرائم نجد جنحتي الرشوة وما في حكمها وكذلك جنحة استغلال النفوذ ومن بين أهم القوانين المنظمة لها والتي هي سارية المفعول نجد القانون رقم: 06-01 المؤرخ في: 20-02-2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته. وما يميز هذه الجرائم في مجملها كونها جرائم تشترط في صاحبها (التمتع بصفة معينة.) والتي هي صفة الموظف أو من في حكمه وما أصطلح على تسميته في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته بــ:الموظف العمومي والذي هو مستمد من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المؤرخة في:31 أكتوبر2003 وأهم جرائم الفساد كانت واردة في المواد من 119 إلى 134 من قانون العقوبات في حين أصبحت حاليا في قانون خاص بها وهو قانون 20 فبراير 2006 سالف الذكر المعدل والمتمم ، وأصبحت تقابله المواد من(25 إلى 35) ونظرا لتغلغل ظاهرة الفساد داخل المجتمع أصبحت حديث الساسة والقانونيين ومن بينهم أعلى سلطة في البلاد وهو رئيس الجمهورية الذي ذكر في خطابه الموجه للأمة بمناسبة مراسيم أدائه اليمين الدستورية في الجزائر: يوم التاسع عشر أفريل من سنة ألفين وتسعة ما نصه: (.....إنه لمن الأهمية بمكان أو نواصل ونكثف محاربة ممارسات المحاباة والمحسوبية التي هي مصدر للإحباط ولتثبيط العزائم، ومحاربة الرشوة والفساد التي تساهم تأثيراتها في جعل الناس يعزفون عن الجد والكد). - وإن الموضوع المعروض للنقاش من خلال هذا البحث ينحصر في (الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ دراسة مقارنة) والذي يتسم بأهمية بالغة نظرا لأنه يمس الحياة الاجتماعية للمواطن البسيط بصورة مباشرة من خلال عرقلة مصالحه، وتفشي البيروقراطية بصفة عامة وفي مجال الصفقات العمومية على وجه الخصوص المساس بقواعد الشفافية والمنافسة الشريفة كما هو مبين من خلال المادة 09 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته التي ركزت على هذين المبدأين وحرية الوصول للطلبات العمومية، المساواة في معاملة المرشحين وشفافية الإجراءات المنصوص عليها في المادة 03 من المرسوم الرئاسي رقم:10-236 المؤرخ في:07 أكتوبر2010 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية المعدل والمتمم بالمرسوم الرئاسي رقم:12-23 المؤرخ في: 18 يناير 2012. - وعلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي فالجزائر خلال السنوات الأخيرة ظهرت قضايا خطيرة أثرت على المال العام للدولة بما فيها خزينتها مؤدية إلى إهدار ملايير الدولارات كقضية الخليفة التي بينت بوضوح حجم الخسائر التي تلحقها بالدولة ثم تلتها قضيتا سوناطراك رقم: 01 و 02 ولم يقتصر تأثيرهما على الصعيد الوطني فحسب بل تعداه إلى الصعيد العالمي ليشمل أعوان عموميون على المستوى الخارجي، سواء كانوا موظفين أجانب أم عاملين لدى منظمات دولية وكل ذلك أدى إلى محاولة توحيد الجهود الدولية لإيجاد وسائل قانونية للحد من هذه الظاهرة، ومن بين هذه الآليات على المستوى الدولي نجد منظمة الأمم المتحدة و على المستوى الأوربي نجد هنالك اتفاقيتين تمت المصادقة عليهما ببروكسل للوقاية من ظاهرة الرشوة الأولى في 26 جويلية 1995 و الثانية في 26ماي من سنة 1997. كما أن الدراسة المقارنة تسمح لنا إبراز أركان كلا الجنحتين وكيفية التفرقة بينهما. وتعرف الرشوة لغة على أنها:(ما يعطى للحكام لأكل أموال الناس بالباطل) أو تعرف على أنه (ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل) وتستعمل الرشوة بمفهومها الواسع كدلالة على فساد الأخلاق ، ويقصد بها كذلك أنها : (صورة من صور الاتجار بالوظيفة أو الخدمة وطرفاها مرتش، موظف ومن في حكمه وراش الذي لا تشترط فيه صفة معينة وهو الأمر الذي يفرق على أساسه بين الرشوة السلبية والإيجابية. فبالنسبة للرشوة السلبية المنصوص عليها بالمادة 25 فقرة 02 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته بعدما كان هذا الفعل مدرجا في قانون العقوبات في المادتين: 126 و127 من قانون العقوبات الملغاتين يشترط في الجاني أن يكون موظفا عموميا وأن يقدم على سلوك مجرم يتمثل في طلب أو قبول إذ يكفي الطلب لقيام الجريمة متى توافرت باقي أركانها، حتى ولو لم يصدر قبول من صاحب الحاجة أو المصلحة، بل حتى لو رفض صاحب المصلحة الطلب وسارع بإبلاغ السلطات كما أن القبول يكون من جانب الموظف العمومي (المرتشي) أن يكون هناك عرض من صاحب الحاجة يعبر فيه عن إرادته بتعهده بتقديم الهدية أو المنفعة إذا ما قضى له مصلحته غير أنه لا بد أن يكون عرض صاحب الحاجة جديا وفي المقابل يكون قبول الموظف جديا. في حين أن الرشوة الإيجابية المعنية ببحثنا من خلال هذه المذكرة فقد أوردها المشرع الجزائري كذلك في نفس الركن الشرعي والذي هو نص المادة 25 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته لكنه خصص لها الفقرة الأولى وهي تعرف كذلك بجريمة الراشي وقد كانت مدرجة ضمن المادة 129 من قانون العقوبات الملغاة أين يعرض على الموظف العمومي (المرتشي) مزية غير مستحقة نظير حصوله على منفعة بإمكان ذلك الشخص توفيرها له ومن ناحية أخرى فإذا كانت جريمة الرشوة السلبية تقتضي صفة معينة في الجاني، وهي أن يكون موظفا عموميا، فإنه لم يشترط صفة معينة في جريمة الرشوة الإيجابية. - يضاف إلى ذلك أن جريمة الرشوة لها ارتباط وثيق بعدة جرائم تخص الاتجار بالوظيفة والإخلال بواجب النزاهة الذي يتوجب على كل من يتولى وظيفة أو وكالة عمومية يؤدي خدمة عمومية التحلي به نذكر من بينها: (الغدر، الإعفاء أو التخفيض غير القانوني في الضريبة والرسم، استغلال النفوذ، إساءة استغلال الوظيفة، الإثراء غير المشروع ، تلقي الهدايا) وما يهمنا من هذه الجرائم بصفة خاصة هي جنحة استغلال النفوذ باعتبارها موضوع بحثنا أيضا. و نظمتها المادة 32 فقرة 02 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على أنها:(جنحة يقدم عليها كل موظف عمومي أو أي شخص أخر يقوم بشكل مباشر أو غير مباشر، بطلب أو قبول أية مزية غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص أخر لكي يستغل ذلك الموظف العمومي أو الشخص نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية على منافع غير مستحقة) و نظرا لوجود ارتباط بين هاتين الجنحتين وميدان الصفقات العمومية الذي يعتبر ميدانا خصبا للفساد بسبب طبيعته الإجرائية وصعوبة تحديد الخروق إلا بالتمعن الدقيق والتتبع لمراحل الصفقة العمومية منذ بدايتها. ولإضفاء أكبر قدر من الشفافية أوجد المشرع رقابة الجهات الإدارية ودعمها برقابة لاحقة في حالة عدم جدواها وهي ما تعرف بالرقابة القضائية، والتي تكون بعدية وقد تكتسي طابعا مدنيا محضا أو إداريا أو يكون لها طابع جزائي ومن أهمهما جنحتي الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ، إلا أن التساؤل المنطقي الذي يثور من خلال هاتين الجنحتين يكمن في: ماهية العوامل التي ساعدت على تفشي ظاهرتي الرشوة واستغلال النفوذ وموقف المشرع الجزائري من ذلك؟ مع توضيح الإجراءات المتخذة للحد من خطورتهما؟ وهي التساؤلات التي سنحاول الإجابة عنها بانتهاج الخطة العلمية التالية: فصل أول: ماهية جريمة الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ. مبحث أول: مفهوم جريمة الرشوة واستغلال النفوذ. مطلب أول: تعريف جريمة الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ. فرع أول: التعريف اللغوي والفقهي و الاصطلاحي لجريمة الرشوة و استغلال النفوذ. فرع ثاني : التعريف القانوني لجريمة الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ. فرع ثالث : موقف المشرع الجزائري من كلا الجنحتين. مطلب ثاني: أركان جريمة الرشوة الإيجابية. فرع أول: الركن المفترض. فرع ثاني: الركن المادي والمعنوي. مطلب ثالث: أركان جريمة استغلال النفوذ. فرع أول: الركن المفترض. فرع ثاني: الركن المادي والمعنوي. مبحث ثاني: أنواع جريمة الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ والجزاء المقرر لهما. مطلب أول: أنواع جريمة الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ. فرع أول: أنواع جريمة الرشوة. فرع ثاني: أنواع جريمة استغلال النفوذ. مطلب ثاني: قمع جريمة الرشوة و استغلال النفوذ. فرع أول: إجراءات متابعة الجريمتين. فرع ثاني: الجزاء المقرر للجنحتين. فرع ثالث: الظروف المشددة والمخففة والإعفاء من العقوبة الخاص بالجنحتين. فصل الثاني: تمييز جنحة الرشوة الإيجابية عن استغلال النفوذ وكيفية الحد منهما. مبحث أول: مميزات جريمة الرشوة الإيجابية عن استغلال النفوذ وأسباب قيامهما. مطلب أول: مميزات جريمة الرشوة الإيجابية عن استغلال النفوذ. فرع أول: مميزاتهما من حيث الطبيعة القانونية. فرع ثاني: مميزاتهما من حيث الهدف المقصود من ارتكابهما. فرع ثالث: مميزاتهما من حيث صفة مرتكبهما. مطلب ثاني:أسباب قيام جنحة الرشوة الإيجابية. فرع أول: الأسباب الإدارية. فرع ثاني: الأسباب الاجتماعية. فرع ثالث: الأسباب السياسية. مطلب ثالث: أسباب قيام جنحة استغلال النفوذ. فرع أول: الأسباب الإدارية. فرع ثاني: الأسباب الاجتماعية. فرع ثالث: الأسباب السياسية. مبحث ثاني: الآثار المترتبة عن جنحتي الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ. مطلب أول: الآثار المترتبة عن ارتكاب جنحة الرشوة الإيجابية. فرع أول: الآثار الاجتماعية و الثقافية. فرع ثاني: الأثار السياسية والاقتصادية. مطلب ثاني: الآثار المترتبة عن ارتكاب جنحة استغلال النفوذ. فرع أول: الأثار على الجهاز الإداري. فرع ثاني: الأثار على المستوى الاجتماعي. فرع ثالث: الأثار على المستوى السياسي. مطلب ثالث: التدابير المتخذة للحد من الجنحتين وطنيا ودوليا. فرع أول: التدابير الوقائية على المستوى الوطني. فرع ثاني: التدابير الوقائية على المستوى الإقليمي. فرع ثالث: التدابير الوقائية على المستوى الدولي. خاتمة. تطرقنا من خلال هذه المعالجة المتواضعة لموضوعي الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ إلى نتيجة حتمية لا مفر منها مفادها أن الفساد ضارب بجذوره في القطاعين الحكومي و الخاص، وإن الرشاوى والعمولات وقبول الهدايا واستغلال النفوذ، أصبحت من الشيوع والذيوع على نحو مذهل ولقد استعرضنا من خلال هذه المذكرة أيضا إلى أركان جنحتي الرشوة الإيجابية و استغلال النفوذ وما استقرت عليه أحكام محكمتنا العليا، وخلصنا إلى نتيجة مفادها أن المشرع الجزائري بعدما كان يعتبر جريمة الرشوة واحدة ساير التطور وأخذ ما اتجه إليه المشرع الفرنسي الذي هو المصدر التاريخي لقانوننا وغيره من التشريعات الأخرى إلى اعتبار أن للرشوة وجهين أحدهما سلبي يأخذ صورة الطلب أو القبول وهي ما تعرف بجريمة المرتشي وأخرى إيجابية تأخذ صورة الوعد أو العرض أو المنح وتعرف بجريمة الراشي وبالإضافة إلى ذلك توجد جنحة استغلال النفوذ أو ما تعرف بجريمة الوسيط التي هي الأخرى هدفها التوسط إلى الجهات النافذة بغية قضاء المأرب. - و أبرز عناصر الدراسة الجنائية هما (الجريمة و العقوبة) بيد أنه لا بد من ملاحظة الجريمة وإن كانت ظاهرة اجتماعية حتمية داخل المجتمع واحتمالية في حياة الفرد إلا أنها في حقيقة الأمر ليست إلا مظهر لنشاط أو سلوك إنساني في معنى معين، ومن جهة أخرى فإن المشرع حين يضع قانون خاص بجرائم الفساد ومكافحته لسنة 2006 المعدل والمتمم وما تلاها فإن الجريمة والعقوبة على قدر أهميتهما في الدراسة الجنائية من الناحية الموضوعية فإن (المجرم) يعتبر عنصر ذا أهمية قصوى في هذه الدراسة لا يقل عنهما شأن بل قد يكون أخطرهم. - ونظرا للأثر المباشر للرشوة واستغلال النفوذ على الاقتصاد وتأثيرهما على التطور ووسائل التنمية المتخذة لضمان منافسة نزيهة وشفافة وبالرغم من تعقيد الآليات ووسائل الرقابة القبلية و البعدية على الصفقات العمومية إلا أنها لا زالت تشكل ميدانا خصبا لتنامي الممارسات المحظورة التي كانت ولا زالت تستنزف الإيرادات العامة. وتعتبر الرشوة في مجال الصفقات العمومية خاصة ذات صور متعددة وهي سهلة التنفيذ غير أنها صعبة الاكتشاف وجهاز الحماية ظهر غير فعال في كل الأحوال لفرض الاحترام اللازم للإجراءات من قبل الساهرين عليه فالمقاولون كالجهات الإدارية صاحبة المشاريع يواصلون المخاطرة في الميدان بإتباع ممارسات محظورة ومنافية للمنافسة وهذا التشخيص يستلزم تشديد إجراءات حماية الصفقات العمومية والرقابة الموجودة والعقوبات المطبقة ولعل أن أصحاب القرار على علم بالآثار التي يحدثها الفساد على الاقتصاد فهم يحاولون إيجاد حلول والحد من هذه (الآفة) التي مست بنزاهة الموظف العمومي وأثرت على القدرة الشرائية للمواطن بصورة غير مباشرة ونظرا للفضائح المتكررة في بلادنا وعدد القضايا المتزايدة كقضية الخليفة ، سوناطرك 01 و 02 وغيرهم فإن تدخل القانونيين المتخصصين أضحى مطلوبا قصد وضع عقبات أمام الممارسات الاحتيالية وحماية الاقتصاد الوطني وبالرغم من ذلك تبقى عدة أسئلة مطروحة أهمها: - هل يوجد تقصير في القوانين والتشريعات العقاب في مجالي الرشوة و استغلال النفوذ ؟ و هل ينظر القاضي الجزائي إلى جريمة الرشوة وفقا للنموذج الإجرامي بصرف النظر عن الظروف الاقتصادية ، الاجتماعية,السياسية ؟ وهل ينظر القاضي الجزائي إلى الموظف المرتشي ببعض الآلاف من الدنانير بنفس النظرة للموظف الذي إرتشى في ملايين الدولارات وحولها إلى الخارج ؟ و هل ينظر إلى صاحب المصلحة الذي ضاق ذرعا من المشاكل الروتينية، وضيق الوقت، وعدم إنجاز المصالح حتى وقع في براثن الرشوة و استغلال النفوذ مضطرا على أنه ضالع في جنحة الرشوة أو مستغل النفوذ؟ - و أخيرا هل للحديث النبوي الشريف: ( إنما أهلك من قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) أثر في نفوس القائمين على تطبيق القانون في بلادنا وعلى الأخص في جريمتي الرشوة و استغلال النفوذ ؟ ـ أما أصبح من الضروري على الأجهزة المعنية والمسئولة للدولة أن تتضافر جهودها لعمل الدراسات اللازمة للوقوف على أسباب هاتين الجريمتين وتشخيصهما ووضع حلول لها؟ و على هذا الأساس فقد أقرت مؤسسات وهيئات دولية كالبنك الدولي و هيئة الأمم المتحـدة و منظمة شفافية دولية بأن الفساد تحديا عالميا و أن مكافحته لا تكون إلا بتضافر جهود الجميع و وضعت لذلك آليـات و عقدت اتفاقيات ، و على هذا الأساس لا بد لكل الدول و شرائح المجتمع عن طريق جمعيات المجتمع المدني أن تقف صفا متراصا لدرء الفساد و المفسدين ، و لا تكتفي بالقوانــين الردعية لمكافحتها ، بل يجب وضع استراتيجيــه منسجمة و متكاملـة تأخذ بمفهوم واضح للفساد والرشوة و استغلال النفوذ خصوصا و تحديد عواملهما و أسبابهما و التركيز على نشر القيم و المثل العليــا داخل أفراده وتفعيل دور الدولة في حفظ حق المواطن في الكرامة و العيش الرغيد بما يحفظـه و يجعله مواطنا صالحا في شتى مراتب المسؤولية كما أنه ما يستخلص من السياسة الجنائية للمشرع الجزائري في مكافحة جريمتي الرشوة الإيجابية واستغلال النفوذ لم تقتصر عند حد نقل وإعادة صياغة النصوص القانونية من قانون العقوبات إلى قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وغيره ، بل تعدى الأمر ذلك إلى حد توسيع نطاق ومجال دائرة التجريم وهذا حتى لا يكون هناك منفذ لبعض التصرفات الفاسدة وأهم النتائج المتوصل إليها في هذا الشأن نذكر: - وسع المشرع من نطاق ودائرة التصرفات التي تعتبر داخلة في إطار الرشوة فأصبحت تشمل بالإضافة إلى رشوة الموظف العمومي, رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المنظمات الدولية وكذا الرشوة في القطاع الخاص. - لا تختلف رشوة الموظف العمومي الرشوة السلبية في بنيانها القانوني عما كانت عليه في قانون العقوبات ما عدا في صفة الموظف العمومي الركن المفترض في هذه الجريمة. - لقد عرف مدلول الاختصاص في الجريمة أعلاه انحصارا , إذ ضيق المشرع في ظل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته من نطاق هذه الفكرة ، بالمقارنة مع قانون العقوبات. - إن المشرع عبر عن محل النشاط الإجرامي في جريمة الرشوة السلبية بالمزية غير المستحقة وهو مصطلح أوسع بكثير من المصطلحات التي استعملها المشرع سابقا في قانون العقوبات والتي كانت لا تؤدي المعنى الذي تؤديه المزية ، الأمر الذي أدى سابقا إلى خروج بعض المنافع التي يتلقاها المرتشي من دائرة التجريم. - إن المشرع تراجع في جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية ، عما كان واردا في قانون العقوبات ، والذي لم يكن يشترط صفة معينة في الجاني في هذه جريمة ، وأصبح في منهجه الجديد يقوم على اشتراط صفة معينة في الجاني وهي صفة الموظف العمومي. - عدم إتباع المشرع الجزائري نفس المسعى في تجريمه التصرفات الإجرامية المتشابهة فرغم أن الرشوة في الصفقات العمومية هي شبيهة بالرشوة السلبية بل أكثر من ذلك فهي إحدى صورها وفروعها إلا أنه خلصنا إلى أن المقابل في الرشوة السلبية عبر عنه بالمزية أما المقابل في الرشوة في الصفقات العمومية فعبر عنه بالمنفعة والأجرة. - إن مصطلحي المنفعة والأجرة غير مناسبتين وغير كافيتين للإحاطة بكل مفاهيم المنافع و الفوائد التي يمكن أن يتلقاها المرتشي لقاء الاتجار بوظيفته. - إن النشاط الإجرامي في جريمة الرشوة في الصفقات العمومية يشكل مظهرا من مظاهر الرشوة السلبية وبالتالي فهي ليست جريمة مستقلة بذاتها وإنما تحتويها جريمة الرشوة وكان بإمكان المشرع الاستغناء عليها تماما. - و المشرع لم يوضح بدقة أركان الجريمة أعلاه، مثلما فعل بالنسبة لجريمة رشوة الموظف العمومي السلبية فنص المادة 27 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته يعتريه الغموض ويفتح الباب أمام التأويل كما يستوجب التنويه إلى أن المشرع بالرغم من تطويره وتحديثه السياسة الجنائية الخاصة بمكافحة الرشوة واستغلال النفوذ على المستوى المحلي فقد عزز التعاون الدولي في المجال القضائي والقانوني وكذا فعل استرداد الأموال لمواجهة هذه الظاهرة العابرة للحدود ، وبالنسبة للتعاون الدولي في مواجهة جرائم الفساد لاسيما الرشوة و استغلال النفوذ الأكثر انتشارا إذ وجدت عدة مظاهر للتعاون في هذا المجال منها المساعدة القانونية المتبادلة والاعتراف بحجية الأحكام الجنائية الدولية وكذا تسليم المجرمين ، ويمكننا إجمال النتائج المستخلصة كالتالي: - رغم كون المساعدة القانونية المتبادلة حجر الزاوية في إستراتيجية مكافحة الفساد على المستوى الدولي إلا أن المشرع قد أشار إليها بصورة مقتضبة في المادة 60 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على خلاف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي نظمتها بشيء من التفصيل . - قد اعترف المشرع بحجية الأحكام الجنائية الأجنبية وخاصة ما تعلق منها بمصادرة وتجميد وحجز عائدات جرائم الفساد أو الوسائل المستخدمة في ارتكابها. - إن المشرع أولى أهمية لآلية تسليم المتهمين والمجرمين في الآونة الأخيرة نتيجة ظاهرة فرار المجرمين صحبة الأموال التي نهبوها إلى الدول الملاذ الآمن، كما هو حال قضية الخليفة. - إن التسليم في الجزائر يجد مصدره القانوني في كل من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وكذا في قانون الإجراءات الجزائية لاسيما المواد من 694 إلى 720 من قانون الإجراءات الجزائية. - لقد بين المشرع بدقة شروط تسليم المجرمين وخاصة ما تعلق منها بالجريمة سبب التجريم حيث وضع المشرع شرط ايجابي يتمثل في التجريم المزدوج وشرط سلبي يتمثل في استبعاد بعض الجرائم من نطاق التسليم كالجرائم السياسية والعسكرية ، كما وضع المشرع شروط تتعلق بالاختصاص القضائي للدولة طالبة التسليم هذا واشترط المشرع كذلك لجواز التسليم عدم سقوط الدعوى الجنائية وعدم تقادم العقوبة كما اشترط المشرع أيضا مراعاة مبدأ التخصيص في التسليم هذا بالإضافة إلى شروط تتعلق بالشخص المطلوب تسليمه،هذا وقد حدد المشرع إجراءات تسليم المتهمين و المجرمين بالتفصيل سدا للمنافذ أمام الفاسدين. - إن انتزاع عائدات جرائم الفساد من أيدي مرتكبيها وإعادتها إلى أصحابها الحقيقيين هو من أكثر الوسائل ردعا وفعالية ضد مرتكبي هذه الجرائم ، لأنها تؤدي إلى حرمانهم من ثمار أعمالهم الإجرامية. - تساهم آلية استرداد عائدات جرائم الفساد عموما في مكافحة جريمة أخرى لا تقل خطورة عنها وهي :غسيل الأموال والتي باتت مرتبطة بجرائم الفساد إلى حد بعيد. - هناك بعض العوائق التي تعترض إجراء استرداد الأموال بعضها يرجع إلى مسائل تتعلق بالاختصاص والبعض الآخر بالحصانات ، وكذا صعوبة معرفة مالكها الأصلي بالإضافة إلى عدم تفعيل آلية التعاون الدولي القضائي في بعض الأحيان . - إن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته تضمن عدة آليات وتدابير لاسترداد عائدات الفساد ومن أهمها: تدابير الاسترداد المباشر للممتلكات و تدابير استرداد الممتلكات عن طريق التعاون الدولي في مجال المصادرة. - إن المشرع لم يحدد بدقة مآل ممتلكات وعائدات جرائم الفساد والتي تمت مصادرتها من طرف الجهات القضائية الجزائرية ولا كيفية التصرف فيها ، كما لم ينظم الأحكام الخاصة بإعادتها إلى أصحابها الأصليين وإن كانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد قد أجابت عن ذلك بدقة. - إن الاتفاقية تساهلت بالنسبة لشروط إرجاع العائدات الإجرامية والمصادرة المتأتية من جريمتي الاختلاس وغسل الأموال العمومية المختلسة دون باقي جرائم الفساد الإداري الأخرى وسبب ذلك يعود إلى الأضرار الكبيرة التي يمكن أن تلحق الدول المتضررة جراء هاتين الجريمتين هذا وقد قام المشرع أيضا بإعادة تنظيم السياسة العقابية المقررة لجرائم الفساد ومن بينها الرشوة الإيجابية و استغلال النفوذ تميزت بإدخال تعديلات جوهرية على عقوبات الشخص الطبيعي والمعنوي على السواء و أهم النتائج المستخلصة في هذا المجال نذكر ما يلي: - تجنيح جرائم الرشوة وإستغلال النفوذ وهذا بتقرير عقوبات أصلية تتمثل في الحبس والغرامة بدلا من السجن ، والمشرع وإن كان قد تخلى عن العقوبات الجنائية إلا أنه استبدلها بعقوبات جنحية مشددة،وهو بذلك يكون قد خالف التقسيم التقليدي للجرائم والعقوبات المقررة لها. - و حدد المشرع العقوبات المقررة لأغلب جرائم الفساد وهي عموما تتراوح بين الحبس من سنتين إلى عشرة سنوات وغرامة من مائتي ألف إلى مليون دينار جزائري. - إن تغليظ الغرامات المالية في غالبية جرائم الفساد الإداري هو مسعى ملائم لردع وقمع المفسدين لأن معظم جرائم الفساد ذات طابع مالي. - أشار المشرع إلى ظروف تشديد العقوبة و تخفيفها وكذا الإعفاء منها في جرائم الفساد بالإضافة إلى تنظيمه للمسائل المتعلقة بالمشاركة والشروع والتقادم. - أقر المشرع بمسؤولية الشخص المعنوي عن جرائم الفساد ، رغم أنه استثنى في هذا المجال الدولة والجماعات المحلية والأشخاص المعنوية العامة من هذه المسؤولية وحصر دائرة المسؤولية في الأشخاص المعنوية الخاصة. - اشترط المشرع لإقامة المسؤولية الجزائية لهذا الشخص وجوب ارتكاب الجريمة من طرف أجهزة الشخص المعنوي أو ممثليه الشرعيين كما يجب أن ترتكب الجريمة لحسابه . - إن عقوبات الشخص المعنوي المدان في إحدى جرائم الفساد الإداري تتمثل في عقوبة أصلية وحيدة هي الغرامة. سمح المشرع بموجب قانون الإجراءات الجزائية الحكم على الجاني في جرائم الفساد إلى جانب العقوبات الأصلية بعقوبات تكميلية. - استحدث المشرع جزاءات أخرى ذات طابع مالي كالمصادرة ، ولم يقف عند هذا الحد بل تجاوز ذلك إلى النص على بعض الجزاءات ذات الطابع المدني والإداري كإبطال العقود والصفقات العمومية خاصة و البراءات والامتيازات. - و أخيرا نرجو من الله أن تكون هذه الأسئلة والنتائج نواة لأسئلة عديدة أخرى ومقدمات لحلول ناجعة من شأنها أن تثير حفيظة النفوس ، وتؤجج أفكار جديدة ، لدى كل مخلص حكيم,لعلها تسهم في الحد من هاته الجرئم ومكافحتها التي استشرت في بلادنا بشكل خاص وفي مجتمعنا العربي عموما وغيره من المجتمعات.
URI/URL: http://hdl.handle.net/123456789/507
Collection(s) :Droit

Fichier(s) constituant ce document :

Fichier Description TailleFormat
resume.pdf511,44 kBAdobe PDFVoir/Ouvrir
View Statistics

Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.

 

Ce site utilise la plate-forme Dspace version 3.2-Copyright ©2014.