مسألة تجنيد الجزائريين في الجيش الفرنسي وانعكاساتها على المجتمع الجزائري 1907-1945

Abstract

إن النزعة الاستعمارية التي طبعت السياسة الفرنسية خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين، ولّدت لدى قادة الإمبراطورية الفرنسية الحاجة إلى توفير قوة عسكرية يقع على عاتقها أداء المهام التي تتطلبها الـمغامرات الاستعمارية داخل وخارج إفريقيا، وقد ظهر الحديث مبكرا عن مشاريع مختلفة تقضي باللجوء إلى الـموارد البشرية التي تمتلكها الـمستعمرات من أهمها الجزائر،لهذا تمثل مسألة تجنيد الجزائريين في الجيش الفرنسي محطة هامة في تاريخ الجزائر المحتلة لما شهدته من اندفاع وطني، أدى إلى بروز البوادر الأولى للعمل السياسي ، عبرت فيه عدة أطراف جزائرية عن مواقفها من استغلال فرنسا للجزائريين في أوقاتها الحرجة، ذلك من خلال المطالبة بتعديل أوضاعهم ماديا ومعنويا مقابل ضريبة الدم. وتكمن إشكالية الموضوع في بحث أحد مظاهر الصراع الحضاري الدائر في الجزائر أثناء الاحتلال الفرنسي الذي خاض معركة ضد الجزائري العربي المسلم، حتى وإن دافع هذا الأخير على شرف فرنسا ،لقد أسهم الجزائريون في تحرير فرنسا في جميع حروبها التي خاضتها منذ احتلالها لبلادهم،بل منهم من أجبر لخدمتها ضد إخوانه فكان جنديا يحارب المقاومات الجزائرية خلال القرن التاسع عشر،ومع ذلك نسأل ماذا قدمت فرنسا لهؤلاء الجزائريين الذين حرروها ونصروها، وعليه، فإن من أهم الأسئلة التي ستحاول هذه الدراسة تقديم إجابات علمية لها هي: لماذا أقدمت فرنسا الاستعمارية على تجنيد الجزائريين في صفوف جيشها ؟ ألم تكن تخشى قبل الحرب العالمية الأولى أن الجزائريين قد يغتنمون فرصة انشغالها بالحرب الأوربية ويعلنون الثورة من أجل الاستقلال؟ هل فعلا قدرت فرنسا الاستعمارية إسهامات الجزائريين في الدفاع عن شرفها حسن التقدير؟ ماذا قدمت حكومة فرنسا الاستعمارية للجزائر مقابل مجهودها الحربي؟ ماذا أضافت الحرب العالمية الأولى من جديد للجزائريين؟ لماذا لم يتحقق مبدأ المساواة في الخدمة العسكرية بين المجندين الجزائريين والجنود الفرنسيين؟ ما مدى تأثير الدعاية الأجنبية على الجزائريين؟ وماذا قدمت لهم من مضامين سياسية؟ كيف عايش المجندون الجزائريون ظروف الحرب العالمية الثانية كأسرى في المعتقلات الألمانية،وكجنود في جبهات القتال؟ ما المجهود النضالي للوطنيين في صفوف المجندين الجزائريين أثناء الحرب العالمية الثانية؟ وعلاقة ذلك بمشروع الكفاح المسلح من أجل تحقيق الاستقلال؟ ما هي انعكاسات مسألة تجنيد الجزائريين في صفوف الجيش الفرنسي على المجتمع الجزائري؟،هذه الأسئلة الفرعية التي سعت هذه الأطروحة تقديم إجابات حولها هي من وحي الوثائق التي اطلعنا ، ومن خلال رصد دراسات المؤرخين أثناء عملية البحث العلمي. ولقد تناولنا الموضوع وفق الخطة التالية : المدخل:بعنوان المجندون الجزائريون في الجيش الفرنسي قبل 1912 تناولت فيه استغلال الجيش الفرنسي للجزائريين بتكوين فرق عسكرية أهلية. وفي الفصل الأول الموسوم ب التجنيد الإجباري للشباب الجزائريين،فقد اشتمل على أربعة عناصر. أما الفصل الثاني فقد حمل عنوان تطور مسألة تجنيد الجزائريين 1920-1938، وفيه تم الوقوف من خلال ثلاثة عناصر. وبخصوص الفصل الثالث فقد جاء بعنوان الجزائريون في خضم الدعاية الأجنبية 1914-1938، وتضمن أربعة عناصر. وخصصنا الفصل الخامس لانعكاسات السياسية لمسألة التجنيد على جزائريين حيث تضمن الفصل أربعة عناصر. أما الفصل السادس والأخير فقد ركز على الانعكاسات الاجتماعية للتجنيد وما نجم عنها من هجر الجزائريين لبلادهم للتخلص من الخدمة العسكرية. وتضمنت الخاتمة خلاصة إستنتاجات البحث في مختلف مراحله مع عرض وجهة نظر في الموضوع المبحوث.